مظلمون، أى: داخلون في الظلام مفاجأة وبغتة، فيكون النوم العميق والهدوء الشامل، سبحانه من قادر حكيم.
وآية لهم الشمس ذلك الكوكب النهارى الضخم تجرى في فلكها لحد مؤقت مقدر تنتهي إليه، ولا تتجاوزه أبدا، فكأنها تجرى لإدراكه حتى إذا ما انتهت إليه توقفت، والله وحده هو العالم إلى متى تجرى؟ ومتى تقف؟ ذلك تقدير العزيز العليم، نعم هو تقديره وحده، ونظامه المحكم الدقيق الذي لو اختل قيد شعرة فلا يعلم إلا الله ما الذي يحصل؟! فالشمس تجرى وتدور حول نفسها وفي فلكها، والأرض أمامها تجرى وتدور حول نفسها وحول الشمس فينشأ عن كل ذلك النهار والليل والنور والظلام، والفصول الأربعة، أرأيت لو أن هذا النظام اختل في وقت ماذا يكون؟ أمن المعقول أن ذلك يحصل بطبعه بدون إله مدبر؟ تعالى الله عما يقولون.
والقمر قدر له ربك منازل يسير فيها، فتراه يبدو صغيرا دقيقا ثم يكبر فيصير هلالا فبدرا ثم يعود يصغر شيئا فشيئا حتى يصير كالعرجون القديم في الرقة والانحناء والصغر وانظر يا أخى إلى هذه الكواكب السماوية وإلى أبعادها وأجرامها وكثرة عددها وسرعة حركتها، ثم هي بعد ذلك كله في نظام دقيق وعمل وترتيب لا عوج فيه ولا خلل لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر، ولا الليل يسبق النهار فيفوته، ولكن يعقبه وإنما جعل الله لهذا كله وقتا محددا ونظاما دقيقا فلا يجوز أن تطغى آية الليل (القمر) على آية النهار (الشمس) بل لكل مدة وزمن ونظام لا يعدوه، وكل من النجوم والكواكب في فلك خاص به يسبحون ويجرون، وهذا لا يمنع أن الله يولج النهار في الليل، وبالعكس في بعض أيام السنة. أليست هذه من أعظم الآيات الدالة على وجود الله وقدرته؟!! وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في ظهور آبائهم ساعة حملوا في فلك نوح المشحون بالخلق، وخلقنا لهم من مثل السفن ما يركبون من السيارات والقطارات والطائرات وغير ذلك! وما أروع هذا التعبير، وما أدق تصويره! وهم في قبضتنا إن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم، أى: فلا مغيث لهم، ولا ينقذون لشيء أبدا إلا لرحمة منا وتمتيع بالحياة الدنيا إلى حين معلوم.