للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شئون دينهم ودنياهم ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ «١» ضربناه لهم لعلهم يتذكرون ويتعظون، ضربناه في هذا القرآن حالة كونه قرآنا عربيا لا اختلال فيه بوجه من الوجوه فهو المستقيم في كل قصد وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ «٢» وإنما كان ذلك كذلك لعلهم يتقون. فأنت ترى أن الأمثال في القرآن تضرب للتذكرة والموعظة لتحصل التقوى التي هي الغرض الأسمى.

ضرب الله للمؤمن الموحد وللكافر المشرك مثلا: رجل مملوك لشركاء متشاكسين مختلفين كل له رأى وحاجة. فكل يطلب من هذا العبد حاجة لا يطلبها الآخر، فماذا يفعل؟ وقد تقاسمته الأهواء واختلفت به السبل؟

وهذا رجل آخر مملوك لشخص واحد فهو سالم له، ليس لغيره سبيل عليه، هكذا المسلم لا يعبد إلا الله، ولا يسعى لإرضاء غير ربه الرحمن الرحيم ذي الفضل العظيم عليه فهل تراه في راحة أم حيرة وضلال؟

أما المشرك فهو يعبد آلهة، ويتجه إلى شركاء مختلفين فهو دائما في حيرة وارتباك لا يدرى كيف يرضى الجميع؟

هل يستوي المسلم الموحد بالكافر المشرك؟ لا يستويان بحال.. الحمد لله الذي وفقنا للإسلام، وهدانا إلى الحق، ولولاه ما اهتدينا فالحمد له جل شأنه، بل أكثر الناس لا يعلمون ذلك.

ولما لم يلتفتوا إلى الحق، ولم ينتفعوا بضرب الأمثال هددهم ربك بالموت، وانتهاء هذا الوضع بقوله: إنك ميت يا محمد، وإنهم ميتون، فالكل فان ولا يبقى غير وجه ربك ذي الجلال والإكرام.

ثم إنكم يوم القيامة تختصمون، وسيحكم الله بينكم يوم القيامة فلا تأسوا يا أمة محمد على القوم الكافرين، واصبروا إن الله مع الصابرين.


(١) - سورة الأنعام آية ٣٨.
(٢) - سورة الأنعام آية ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>