الملك ممن تشاء من الأمم والأفراد كما نزعت من بنى إسرائيل النبوة ببعثة النبىّ العربي.
والله يعطى من يشاء من عباده الملك إما مع النبوة كما حصل لآل إبراهيم فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ والنبوة وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً [سورة النساء آية ٥٤] او ملكا فقط كما هو عند الملوك المعاصرين، وتنزع الملك ممن تشاء من الأفراد والأمم بسبب ظلمهم وفساد حكمهم وسوء سياستهم كما نزعت الملك والنبوة من بني إسرائيل لما خرجوا على الدين وأساءوا الحكم واستعملوا الرشوة والظلم سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا. [سورة الأحزاب آية ٦٢] .
وتعز من تشاء وتذل من تشاء، والعزة والذلة لا تتوقفان على الملك أو المال فكم من ملك ذليل، وفقير عزيز الجانب مهاب الطلعة.
بيدك وحدك الخير، فكل ما كان أو يكون لا يخلو من خير ونعمة لصاحبه أو للمجموعة، إنك يا رب على ما تشاء قدير.
ومن مظاهر القدرة وتمام الملك والعظمة أن الله يدخل الليل في النهار فيزيد، ويدخل النهار في الليل فيزيد، بيده الأمر والكون في قبضته والسموات والأرض مطويات بيمينه.
ويخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي وهل المراد الحياة والموت المعنويان؟
وعلى ذلك فالمثال يخرج العالم من الجاهل والجاهل من العالم والمؤمن من الكافر والكافر من المؤمن.
وإن أردنا حياة مادية فمثالها إخراج البيضة من الفرخة والفرخة من البيضة وإن قال الأطباء: إن في النطفة والبيضة حياة أجيب عن ذلك بأنها حياة بالعرف الخاص وأما العرف العام السائد فيفهم أن البيضة ليس فيها حياة.
ولعل المثال الذي يتفق عليه الكل خروج النبات من الحبة اليابسة والعكس، وما المانع أن يقال: إن الحيوان يخرج من الغذاء بمعنى أنه يتكون منه، ولا شك أنه ليس فيه حياة، وإذا كان هذا شأن المولى- جل شأنه- فلا مانع أن يخرج من العرب الجاهلين محمدا صلّى الله عليه وسلّم ويخرج من الأنبياء الإسرائيليين هؤلاء المفسدين.
ويرزق الله من يشاء بغير حساب يطلب منه ولا رقيب، وبغير تعب ولا مشقة فله خزائن السموات والأرض- سبحانه وتعالى-