تبارك وتعالى- وكما اقتضاه علمه وتدبيره، ثم قال: إنما فعلنا ذلك لأجل أننا كنا مرسلى الرسل لإنفاذ العلم بكل فعل، فهي رحمة حقيقية لأنها صادرة من إله سميع عليم، وهو رب السموات ورب الأرض، ورب ما بينهما من كل شيء بعد. وإذا كان المنزل للقرآن موصوفا بالجلالة والعظمة والكبرياء والربوبية كان القرآن الذي أنزله في غاية الشرف والرفعة. إن كنتم تريدون اليقين وتطلبون الوصول إلى الحقائق فاعلموا ذلك، واعرفوا أن الأمر كما ذكر القرآن.
كانوا يقرون بأن الله خالق السموات والأرض، فقيل لهم: إن إرسال الرسل وإنزال الكتب معهم رحمة من الله السميع العليم الذي هو رب السموات والأرض إن كان إقراركم بأنه خالق السماء والأرض عن علم ويقين فآمنوا بذلك، ثم رد الله- سبحانه- أن يكونوا موقنين فقال: بل هم في شك يلعبون. وإن إقرارهم غير صادر عن علم ويقين، وإذا كان الأمر كذلك فارتقب يوم تأتى السماء بدخان بين ظاهر، أمروا بأن ينتظروا اليوم الذي يثار فيه عليهم الغبار الذي يغشى الناس ويحيط بهم وهذا عذاب أليم بلا شك. وهل هذا اليوم لقريش في الدنيا؟ والمراد بالغبار جوع وفقر؟ أو غبار الحرب في يوم بدر أم المراد بذلك اليوم يوم القيامة وعذابها الذي يحيط بكل كافر وهم أولهم؟
الله أعلم.
ويقولون: ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون، فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم يرجعون إلى ما كانوا عليه، ولم يذكروا هذا العذاب، وأنى لهم الذكرى؟
ويقولون: ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون، فلما كشفنا عنهم أعرضوا عن النبي وآياته الظاهرة، وقالوا: إنما يعلمه بشر، وقد أعانه على هذا القرآن قوم آخرون، ومنهم من كان يقول: إنه مجنون، وهذا يؤيد من يقول: إن الآيات نزلت في قريش.
إنا كاشفو العذاب قليلا: إنكم عائدون إلى الكفر، فهم قوم لا يوفون بالعهد، بل هم في حال الشدة يتضرعون إلى الله فإذا نجاهم وزال الخوف عنهم عادوا إلى الكفر وتقليد الآباء في الشرك.
واذكر يوم نبطش البطشة الكبرى يوم القيامة يوم يأخذهم ربك أخذ عزيز مقتدر بلا هوادة ولا رحمة، إن بطش ربك لشديد، وإن انتقامه لقوى بالغ، وهذا تهديد لهم وأى تهديد.