قل لهم يا محمد: أرأيتم ما تدعونهم من دون الله من الأصنام والأوثان والآلهة الكاذبة أرونى ما الذي خلقوه من أى نوع من الأنواع في الأرض «١» ؟!!.
بل ألهم شركاء في السموات مع الله؟! لم يكن لهم شركاء في السماء، ولم يخلقوا شيئا مما في الأرض على اتساعها فكيف تعبدونهم من دون الله؟! أمعكم دليل عقلي واحد على خلقهم لشيء أو لشركتهم مع الله في شيء؟ الجواب:
لا وإذا لم يكن دليل عقلي، فهاتوا دليلا نقليا أو ائتوني بكتاب أنزل من قبل هذا القرآن الذي يدعو إلى التوحيد الخالص من كل شوائب الشرك، ائتوني بكتاب من قبل القرآن نزل مؤيدا لما تدعون من وجود الشركاء لله أو ائتوني ببقية من علم أثر وروى لكم، يؤيد ما تذهبون إليه، إن كنتم صادقين! وهذا تحد سافر لهم مبطل لدعواهم الشركة مع الله.
وهل هناك أحد أكثر ضلالا ممن يدعو من دون الله مالا يسمع ولا يبصر ولا يستجيب لدعواه؟ لا أحد أضل منكم يا من تدعون وتعبدون حجرا لا يسمع ولا يبصر ولا يستجيب لكم إلى يوم القيامة وهم- أى: الآلهة- عن دعاء الكفرة غافلون فلا يسمعون ولا يجيبون، لأنهم إن كانوا حجارة فهم لا يسمعون، وإن كانوا عقلاء كعيسى مثلا فهم مشغولون عنهم لا يلتفتون إلى باطلهم.
لا أحد أكثر ضلالا من عبدة الأصنام حيث يتركون السميع البصير المجيب القادر على تحصيل كل بغية وطلب، ويدعون من دونه الجماد الذي لا يستجيب، ولا قدرة له على الاستجابة، ما دامت الدنيا وإلى أن تقوم القيامة، وإذا قامت القيامة وحشر الناس وبدا الصبح لذي عينين، وتفرد الواحد الأحد وقال: لمن الملك اليوم؟ فأجيب: لله الواحد القاهر! إذا حشر الناس كان الأصنام ومن عبد من دون الله أعداء للمشركين، وكانوا بعبادتهم كافرين وجاحدين، وتبرأوا منهم، ولكل منهم يومئذ شأن يغنيه، وتبارك اسم ربك ذو الجلال والإكرام.
(١) قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أرونى ماذا خلقوا من الأرض، في قوله: أرأيتم مجازان حيث أطلق الرؤيا وأراد الإخبار والعلاقة السبية، وفي استعمال همزة الاستفهام في الأمر كذلك مجاز إذ كل من الاستفهام والأمر يدل على الطلب، وأرونى توكيد لأرأيتم، وماذا خلقوا يجوز فيها أن تكون (ماذا) استفهاما كلها وهي مفعول مقدم لخلقوا وجملة خلقوا مفعول ثان لقوله: أرأيتم، أو ما استفهام مبتدأ وذا موصولة خبر و (خلقوا) صلة، وجملة (ماذا خلقوا) مفعول ثان لقوله: أرأيتم، والمفعول الأول ما تدعون.