عملوها، وذهابها سدى من غير مثوبة من حيث لا يشعرون بذلك فإن العادة إذا استحكمت مع شخص فعلها بدون فكر، ولا نظر، وربما كانت سيئة فأكلت حسناته وهو لا يشعر!! وهذا ترغيب في لين القول وأدب الحديث فيقول الله: إن الذين يغضون أصواتهم ولا يرفعونها عند رسول الله، أولئك قوم أخلص الله قلوبهم وصفاها وأعدها للتقوى، أو عرفها الله مستعدة للتقوى بعد الاختبار، هؤلاء لهم مغفرة وأجر عظيم على ما كسبوه من صالح الأعمال.
روى عن زيد بن الأرقم أنه: جاء أناس من العرب إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل فإن يكن نبيا فنحن أسعد الناس به، وإن يكن ملكا عشنا في جناحه، ثم جاءوا إلى حجرة النبي صلّى الله عليه وسلّم ينادونه: يا محمد، فأنزل الله إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ...
وقد تأذى من ندائهم على هذه الصفة.
وقد حكم الله على أكثرهم بعدم العقل لأن بعضهم لم يكن موافقا، أو هو أسلوب عربي معروف ينسب للأكثر ما هو للكل، ولا شك أن هؤلاء يستحقون هذا الوصف لجهلهم بقانون الأدب العام، وما ينبغي أن يكون عليه الزائر من أدب الحديث واختيار الزمان والمكان المناسبين، ولو أن هؤلاء صبروا حتى يخرج إليهم النبي صلّى الله عليه وسلّم وقد كان في قيلولة مستريحا لكان خيرا لهم وأتم.
وما كان النبي يحتجب عن أصحابه إلا في أوقات خاصة قليلة ليستريح بعض الوقت ليلا أو في الظهر.
وهكذا القرآن الكريم لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها بالإجمال أو التفصيل حتى أدب الحديث وأدب الاستئذان نراه يرسم لنا طريقهما..