فلما رأوا هذا اليوم الموعود، والعذاب السيئ الذي أعد لهم. لما رأوه وقد كانوا يكذبون به استاءت وجوههم، وامتلأت غيظا وهماّ، وقيل لهم تأنيبا وإيلاما: هذا الذي كنتم تطلبونه وتسألونه، أو هذا هو الذي كنتم تدعون بطلانه وتزعمون أنه لا يأتيكم، فها أنتم أولاء ترونه قريبا منكم، لا شك فيه الآن.
كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يدعوهم إلى الإيمان، ويلح في ذلك، وفي خلال هذا يسفه أحلامهم ويذم آلهتهم، وكانوا يكرهون ذلك ويستاءون له فكانوا يقولون لبعض: انتظروا فسيموت وتموت دعوته ويهدأ بالنا، وتطمئن نفوسنا.
فرد الله عليهم آمرا النبي أن يقول لهم: أخبرونى إن استجاب الله دعاءكم، فأهلكنا بالموت أو رحمنا فأخر أجلنا قليلا. ماذا تستفيدون من ذلك، ما دمتم مقيمين على الكفر والضلال، أتحسبون أن ذلك ينجيكم من عذاب الله؟ لا ولن ينفعكم موتنا أو عدمه، وإنما الذي ينفعكم هو الإيمان فقط، والذي نجانا نحن هو الإيمان بالرحمن والتوكل عليه فقط، وأما أنتم إذا ظللتم على ما أنتم عليه فستعلمون غدا من هو في ضلال كبير؟
قل لهم مذكرا بنعمة من نعمه: أخبرونى إن أصبح ماؤكم غائرا لا تصله الأيدى ولا الدلاء فمن يأتيكم بماء معين جار على وجه الأرض نابع من العيون، أو منظور إليه بالعيون؟ لا أحد غير الله فآمنوا به واعملوا صالحا ينجيكم ربكم من عذاب أليم.