للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلا وألف كلا!! لا ينبغي أن تكونوا كما وصفكم القرآن، ومن كان كذلك فإنه إذا دكت الأرض دكا وقامت القيامة قياما، وجاء ربك- والله أعلم بكيفية المجيء ولكن نؤمن به «١» - والملك ... !! قاموا وأحدقوا بالناس جميعا- وخاصة الكفار- صفوفا صفوفا، وجئ يومئذ بجهنم وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى «٢» يوم إذ يحصل هذا فقط يتذكر الإنسان أنه أخطأ وأهمل، وكذب وعصى، ولكن هل ينفعه ذلك؟! لا.

وأنى له الذكرى؟! يقول الإنسان الذي عصى في الدنيا: يا ليتني قدمت عملا ينفعني في تلك الحياة الأبدية.

وكأنها هي الحياة فقط وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ «٣» .

فيومئذ لا يعذب عذاب ربك أحد، بل هو الذي يتولى العذاب وحده بلا شريك ولا يوثق أحدا من خلقه غيره، وهذا لأن الأمر يومئذ أمره.

هذا شأن الإنسان المادي، وهذا جزاؤه ونهايته في الآخرة.

أما الإنسان إذا صفت روحه وسمت عن الماديات، كانت نهايته يوم القيامة سعيدة، ويقال له: يا أيتها النفس المطمئنة الواثقة في الله وفي لقائه، والمستيقنة بنور الحق الذي لا يخالجه شك، أيتها النفس ارجعي إلى ربك، وأحظي بشرف لقائه ورضوانه، ارجعي إلى ربك راضية عن عملك في الدنيا مرضية عنك لأن من كان معها قد رضى عنها، والله قد رضى عنها، وذلك هو الفوز العظيم، فادخلي أيتها النفس في عداد عبادي الصالحين المقربين لأنك عملت عملهم، وادخلى جنتي.

والرجوع إلى الله تمثيل لكرامة بعض خلقه عنده وإلا فالله معنا حيث كنا.


(١) وأول الخلف فقالوا: هذا تمثيل لعظمة المولى، أو المراد: جاء أمر ربك.
(٢) سورة النازعات آية ٣٦.
(٣) سورة العنكبوت آية ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>