بعمله، وإنما دعاه إلى ذلك إعجابه بنفسه، وغروره بماله الذي جمعه وجعله عدته، وعده مرات، وظن أنه لا يموت، ويروى أن الأخنس بن شريق، أو الوليد بن المغيرة، أو أمية بن خلف كان يفعل ذلك مع النبي صلّى الله عليه وسلّم.
سيذكر الله ما أعده لهؤلاء وأمثالهم من العيابين المغرورين بمالهم فقال: كلا: ردع لهم وزجر عن ظنهم الفاسد وحسبانهم الكاذب والله لينبذن من يفعل ذلك في الحطمة، تلك النار التي تحطم العظام وتأكل اللحوم وتهجم على القلوب.
وما أدراك ما الحطمة؟ وهذا الاستفهام يراد به تفخيم أمرها، وإكبار شأنها وبيان أنها مما لا تدركها العقول، ولا تحيط بها الأوهام، ولا يعرفها إلا خالقها فمن ذا الذي يعلمك بشأنها إلا خالقها؟ ولذا عرفها فقال:
هي نار الله التي ليست كنيران الخلق، نار الله الموقدة، التي تطلع على الأفئدة وتقهرها وتعلوها، لأنها تدخل في الجوف، أو هي تعرف أسرار القلوب، وتميز بين الطائع والعاصي، إنها مطبقة عليهم فلا يخرجون منها أبدا، وأبوابها المغلقة شدت بأوتاد طويلة لا تفتح أبدا.