فقط. فاستنباط اليهود من ذلك الوعد أنهم لا بد أن يعود لهم ذلك الملك ليس بصحيح، ولعل ما هم فيه من الضيق والشدة يؤذن بضياع ملكهم الذي أسسه الانجليز والأمريكان لأمور سياسية!! وقال موسى: يا قوم: لا ترجعوا عما جئتكم به من التوحيد والعدل الإلهى، إلى الوثنية والفساد في الأرض، وقيل: لا تراجعوا عما أمرتم به مطلقا من الدخول في الأرض المقدسة وغيره فتنقلبوا خاسرين.
قال النقباء الذين أرسلوا للتجسس لموسى: إن فيها قوما طوالا جبارين، أولى بأس وقوة، وإنا لا ندخلها أبدا ما داموا فيها. وكان يسكنها في هذا الوقت بنو عناق من الكنعانيين. وقد بالغ اليهود في وصفهم بما لا يصدقه عقل ولا منطق.
ولا غرابة في إحجامهم عن الدخول فيها وقتالهم الجبارين فكل قوم تربوا في أحضان الذل والاستعمار يألفونه ولا يألفون الحرية والكرامة، ولذلك قالوا معتذرين:
لن ندخلها أبدا حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون!! قال رجلان من الذين يخافون الله وقد أنعم عليهما بالتوفيق والسداد: ادخلوا يا قوم عليهم الباب فإنكم إذا دخلتموه كان الله معكم وناصركم عليهم، وعلى الله وحده فتوكلوا إن كنتم مؤمنين.
قالوا: يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فإنهم أولو قوة وبأس. وعلى ذلك فاذهب أنت وربك الذي أمرنا أن نخرج من مصر ونأتى إلى هنا فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون ومتخلفون عن الحرب.
قال موسى وقد عرف قومه وإباءهم، وخشي أن يفتنوا الرجلين الصالحين قال: رب إنى لا أملك إلا نفسي وأخى هارون الذي عرفت فيه الامتثال والطاعة، يا رب فافصل بيننا وبين هؤلاء القوم الفاسقين، قال الرب- سبحانه وتعالى-: إذا كان الأمر كذلك فإن هذه الأرض محرمة عليهم أربعين سنة وهم في هذه المدة يتيهون في البيداء لا يعرفون لهم قرارا، وهكذا ينزل عذاب الله على كل من يخالف أمره، فهؤلاء هم اليهود وهذه أعمالهم من قديم مع أنبيائهم فلا تأس يا محمد عليهم ولا تحزن!.