وتفريط، فاليهود يبالغون في إهانته هو وأمه، والنصارى يرفعونه إلى مقام الألوهية بل يعبدونه.
فالوسط الوسط. والحق الحق، في المسيح وأمه الذي ذكر في القرآن!! يا أهل الكتاب لا تتبعوا أهواء قوم وآراءهم المدفوعة بالشهوة لا بالحجة والبرهان، هؤلاء القوم ضلوا من قبل، وأضلوا كثيرا من غيرهم، وهذا خطاب لأهل الكتاب المعاصرين.
وبعد أن بيّن الله أنهم ضلوا وأضلوا كثيرا، وضلوا عن السبيل الوسط والرأى المعتدل، بين سبب ذلك فقال:
لعن الذين كفروا من بنى إسرائيل في الزبور على لسان داود، وفي الإنجيل على لسان عيسى بن مريم. وذلك اللعن بسبب عصيانهم، فقد لعن داود من اعتدى منهم يوم السبت وكذلك عيسى، وما كان هذا إلا بسبب تماديهم في العصيان والمخالفة: فاحذروا أيها المعاصرون ذلك.
وقد بين الله سبب استمرارهم في المعاصي بقوله:
كان من دأبهم ألا ينهى أحد منهم أحدا عن منكر ارتكبه، وذنب اقترفه، بل العاصي منهم لا يجد من يأخذ على يديه، والظالم لا يجد من يمنعه فانتشرت الفوضى وعم سوء الخلق، وهذا نذير الفناء ودليل الهلاك، تالله لبئس الفعل فعلهم وما كانوا يعملونه.
والمنكر إذا فشا في قوم ولم يجد من ينكره. ورأى العامة ذلك زالت الهيبة من النفوس والحياة من الضمائر. وصار عادة للناس، وبالطبع زال سلطان الدين من القلوب.
والنهى عن المنكر هو حفاظ الدين وسياجه، وتركه جريمة خصوصا من رجال الدين وأهله، وفي هذا الوقت العصيب لا يدفع السوء الذي استشرى وبلغ الغاية إلا تكتل القوى، وتضافر الأفراد والجماعات حتى تستأصل شأفة الفساد.
وإنى نذير لقومي أن يطبق عليهم هذا الجزاء الطبعي لكل جماعة يموت بينهم التناهى عن المنكر والأمر بالمعروف، ولعل هذا هو السبب في سياق هذه الآيات تحذيرا وإنذارا لنا.
روى أبو داود والترمذي عن ابن مسعود أنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن أول