أليس هذا من أخبار السماء الصادقة؟ فها نحن أولاء بين الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود، ولم يكن النبي صلّى الله عليه وسلّم يعلم من أخبار الأمم وأحوالها إلا النزر اليسير.
لا تطعهم أبدا، إن ربك هو أعلم منك ومن غيرك بمن يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين.
وإذا كان الأمر كذلك، فكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقت الذبح. إن كنتم بآياته مؤمنين.
وقد كان المشركون من العرب يجعلون الذبائح من أمور العبادات، فيتعبدون بالذبح للآلهة والأصنام، ويقولون: كيف تعبدون الله، وما قتله الله لا تأكلونه؟ أى: ما مات حتف أنفه بلا ذبح. وما قتلتموه بأيديكم تأكلونه على أنه حلال.
أىّ مانع لكم من أن تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه عند الذبح، والحال أنه قد فصل لكم، وبين ما أحل وما حرم: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً [الأنعام ١٤٥] .. فقد حرم الله هذه المحرمات، وذكرها في سورة المائدة بالتفصيل، آية ٣..
إلا في حال الاضطرار والضرورة فحينئذ يزول التحريم بقدر الضرورة (فالضرورات تبيح المحظورات) وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم الزائفة، وشهواتهم الفاسدة، من غير علم منهم بصحة ما يقولون، يضلون غيرهم، ويصدونهم عن سبيل الله، إن ربك هو أعلم بالمعتدين.
وذروا الإثم واتركوه، سواء منه ما ظهر للناس واكتسبته الجوارح، أو ما خفى عن الناس وكان من عمل القلب، فالله يعلم الغيب والشهادة، إن الذين يكسبون الإثم، ويجترحون الذنب سيجزون بما كانوا يقترفون. أما من يعمل السوء بجهالة ويتوب إلى الله من قريب فأولئك يتوب الله عليهم، فرحمته وسعت كل شيء.
ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه، بأن ذبح للصنم، أو ذكر عليه غير اسم الله، أو مات حتف أنفه ولم يذكر عليه شيء، وإنه- أى: الأكل من هذا- لفسق ومعصية وخروج عن الدين وحدوده.
وقال مالك: كل ما لم يذكر اسم الله عليه بأن ترك سهوا أو عمدا فهو حرام، أخذا