وهو يوم الحج الأكبر (يوم النحر) الذي بلغ فيه علىّ- رضى الله عنه- وتنتهي في عاشر ربيع الآخرة سنة عشرة.
وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره: هذه الآية لذوي العهود المطلقة غير المؤقتة، أو من له عهد دون أربعة أشهر فيكمل له أربعة أشهر فأما من كان له عهد مؤقت فأجله إلى مدته لقوله تعالى: فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ
ولقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فعهده إلى مدته» .
وأما من لم يكن له عهد فأجله أن يتم الأربعة أشهر الحرم الدائرة في كل عام وهي رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، وعلى هذا تكون مدته خمسين يوما، عشرون باقية من الحجة، وثلاثون هي شهر المحرم.
وهذا أحسن الأقوال وأقواها، وقد ارتضاه جمع من العلماء قديما وحديثا واختاره الشيخ محمد عبده في دروسه. أمروا بالسياحة والاستعداد، وأن يعلموا علما أكيدا أنهم غير معجزي الله أبدا، وأن الله مخزيهم ومذلهم، لأنهم كفروا بالله، ورسوله ... وأذان من الله ورسوله، وإعلام تام منهما إلى الناس جميعا مؤمنهم وكافرهم (وكان ذلك على لسان على بن أبى طالب سنة تسع في السنة التي حج فيها أبو بكر بالناس كما تقدم) ليعلم الكل أن الله برىء من المشركين، ومن عهودهم، ورسوله كذلك برىء، وأما المسلمون فهم حزب الله وأتباع النبي صلّى الله عليه وسلّم وداخلون في ذلك دخولا أوليا، وهذا إنذار شديد للمشركين!!! فإن تبتم أيها المشركون ورجعتم عن الشرك وآثامه فهو خير لكم وأى خير؟!! ... وإن توليتم وأعرضتم عن الإسلام فاعلموا أنكم غير معجزي الله، ولا طاقة لكم بحربه في الدنيا، وأما في الآخرة فبشرهم يا محمد- فأنت أدرى بأحوال الآخرة وأنت البشير النذير- بشرهم بعذاب أليم غاية الألم.
هذا الأذان بنقض العهد يسرى على المشركين جميعا إلا المعاهدين الذين عاهدتموهم ثم لم ينقصوكم شيئا من العهود ولم يخلوا بشرط من الشروط، أى: حافظوا على نصوص المعاهدة وروحها. ولم يظاهروا عليكم أحدا، ولم يعينوا عليكم عدوا كبني ضمرة وبنى كنانة، فهؤلاء أتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم، إن الله يحب المتقين الخائفين من عذابه الذين يوفون بعهدهم إلا مع المشركين الناقضين العهد.