للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأولئك جزاؤهم بعد البعث شراب ماء ساخن يشوى البطون، بئس الشراب شرابهم، ولهم بعد ذلك عذاب مؤلم للغاية، بما كانوا يكفرون.

هو الله- سبحانه- الذي جعل الشمس ضياء للكون، ومصدر للحياة، ومبعثا للحرارة والحركة للكائن الحي من حيوان ونبات، وجعل القمر نورا يستضيء به السارى في الليل، وقدر له منازل لتعلموا عدد السنين والحساب.

ولقد كان للعلماء أبحاث عن الضوء والنور، وآراء لسنا في حاجة إلى ذكرها بعد ما ثبت علميا أن الشمس مصدر النور، فالشعاع الواقع منها على الأرض مباشرة هو ضوؤها، والواصل إلينا بعد انعكاسه على القمر [وهو جسم مظلم] يسمى نورا فنور القمر من الشمس عن طريق الانعكاس كالمرآة.

والقرآن فرق بين الشمس والقمر في كثير: وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً «١» . وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً «٢» والسراج ما كان نوره من ذاته، وهذا يؤيد من يقول: إن الضوء ما كان بالذات كالشمس والنار، والنور ما كان بالعرض والاكتساب من النير كنور القمر، وعلى العموم فالواجب معرفته واعتقاده أن تعبير القرآن الكريم لأسرار إلهية قد تخفى علينا حينا من الدهر، ويكشف عنها العلم والبحث، وليس معنى هذا الجري وراء الاصطلاحات العلمية إذا تعارضت مع النص القرآنى، فالعلم نظرياته قد تسلم اليوم، وتنقض غدا.

قدر الله للقمر مقادير مخصوصة في الزمان والمكان والهيئة، لا يتعداها أبدا ومنازل القمر أماكن نزوله وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ «٣» أى:

قدره لسيرة في فلكه، في منازل ينزل كل ليلة منها لا يتخطاها أبدا [وهي معروفة في علم الفلك] هذا لتعلموا به عدد السنين والحساب للأشهر والفصول والأعوام، وذلك لضبط عبادتكم من صيام وحج ومعاملات، ولعل السر في اختيار القرآن السنة القمرية والحساب بها لأنه أسهل على البدوي والحضري وأما السنة الشمسية فحسابها يحتاج إلى علوم وقواعد، ولكل فائدة.

ما خلق الله ذلك إلا بالحق، نعم ما خلق هذا الكون، وجعل فيه الشمس ذات


(١) سورة نوح آية ١٦.
(٢) سورة الفرقان آية ٦١.
(٣) سورة يس آية ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>