وقال الزّبير بن بكّار: كان يقال له الأمين. واختلف في اسمه، فقيل لقيط- قاله مصعب الزبيري، وعمرو بن علي الفلّاس، والعلائي، والحاكم أبو أحمد، وآخرون، ورجّحه البلاذري. ويقال الزبير- حكاه الزبير، عن عثمان بن الضحاك. ويقال: هشيم، حكاه ابن عبد البر، ويقال مهشم- بكسر أوله وسكون ثانيه وفتح الشين المعجمة، وقيل بضم أوله وفتح ثانيه وكسر الشين الثقيلة، حكاه الزبير والبغوي.
وحكى ابن مندة، وتبعه أبو نعيم- أنه قيل اسمه ياسر، وأظنه محرّفا من ياسم.
وكان قبل البعثة فيما قاله الزبير عن عمه مصعب، وزعمه بعض أهل العلم، مواخيا لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم، وكان يكثر غشاءه في منزله، وزوّجه ابنته زينب أكبر بناته، وهي من خالته خديجة، ثم لم يتّفق أنه أسلم إلا بعد الهجرة.
وقال ابن إسحاق: كان من رجال مكة المعدودين مالا وأمانة وتجارة.
وأخرج الحاكم أبو أحمد بسند صحيح، عن الشعبي، قال: كانت زينب بنت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم تحت أبي العاص بن الربيع، فهاجرت وأبو العاص على دينه، فاتفق أن خرج إلى الشام في تجارة، فلما كان بقرب المدينة أراد بعض المسلمين أن يخرجوا إليه فيأخذوا ما معه ويقتلوه، فبلغ ذلك زينب، فقالت: يا رسول اللَّه، أليس عقد المسلمين وعهدهم واحدا؟
قال: نعم. قالت: فاشهد أني أجرت أبا العاص. فلما رأى ذلك أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم خرجوا إليه عزلا بغير سلاح، فقالوا له: يا أبا العاص، إنك في شرف من قريش، وأنت ابن عم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم وصهره، فهل لك أن تسلم فتغتنم ما معك من أموال أهل مكة، قال: بئسما أمرتموني به أن أنسخ ديني بغدرة، فمضى حتى قدم مكة، فدفع إلى كل ذي حقّ حقّه، ثم قال فقال: يا أهل مكة، أوفت ذمّتي؟ قالوا: اللَّهمّ نعم. فقال: فإنّي أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا رسول اللَّه، ثم قدم المدينة مهاجرا، فدفع إليه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم زوجته بالنكاح الأول.
هذا مع صحة سنده إلى الشعبي مرسل، وهو شاذّ خالفه ما هو أثبت منه
، ففي المغازي لابن إسحاق: حدثني يحيى بن عباد بن عبد اللَّه بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة، قالت: لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب بنت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم بقلادة لها كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص، فلما رآها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم رق لها رقة شديدة، وقال للمسلمين:«إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردّوا عليها قلادتها»«١» ففعلوا.
(١) أخرجه أبو داود في السنن ٢/ ٦٩ كتاب الجهاد باب في فداء الأسير حديث رقم ٢٦٩٢، وأحمد في المسند ٦/ ٢٧٦ والحاكم في المستدرك ٣/ ٢٣٦، ٣٢٤ وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.