وساق ابن إسحاق قصته أطول من هذا، وأنه شهد بدرا مع المشركين، وأسر فيمن أسر ففادته زينب، فاشترط عليه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم أن يرسلها إلى المدينة، ففعل ذلك، ثم قدم في عير لقريش، فأسره المسلمون، وأخذوا ما معه، فأجارته زينب، فرجع إلى مكة، فأدّى الودائع إلى أهلها، ثم هاجر إلى المدينة مسلما، فردّ النبي صلى اللَّه عليه وسلّم إليه ابنته. ويمكن الجمع بين الروايتين.
وذكر ابن إسحاق أنّ الّذي أسره يوم بدر عبد اللَّه بن جبير بن النعمان. وحكى الواقديّ أنّ الّذي أسره خراش بن الصمة، قال: فقدم في فدائه أخوه عمرو بن الربيع، وذكر موسى ابن عقبة أنّ الّذي أسره- يعني في المرة الثانية- هو أبو بصير الثقفي، ومن معه من المسلمين لما أقاموا [٢١٨] بالساحل يقطعون الطريق على تجّار قريش في مدة الهدنة بين الحديبيّة والفتح.
وذكر ابن المقري في فوائده، من طريق إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان- أحسبه عن الزّهريّ، قال: أبو العاص بن الربيع الّذي بدا فيه الجوار في ركب قريش الذين كانوا مع أبي جندل بن سهيل وأبي بصير بن عتبة بن أسيد، فأتى به أسيرا، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: إنّ زينب أجارت أبا العاص في ماله ومتاعه. فخرج فأدّى إليهم كلّ شيء كان لهم، وكانت استأذنت أبا العاص أن تخرج إلى المدينة، فأذن لها، ثم خرج هو إلى الشام، فلما خرجت تبعها هشام بن الأسود ومن تبعه حتى ردّوها إلى بيتها، فبعث إليها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم من حملها إلى المدينة، ثم لحق بها أبو العاص في المدينة قبل الفتح بيسير، قال: وسار مع عليّ إلى اليمن فاستخلفه عليّ على اليمن لما رجع، ثم كان أبو العاص مع عليّ يوم بويع أبو بكر.
وحكى أبو أحمد الحاكم أنه أسلم قبل الحديبيّة بخمسة أشهر، ثم رجع إلى مكة.
وزاد ابن سعد أنه لم يشهد مع النبي صلى اللَّه عليه وسلّم مشهدا.
وأسند البيهقيّ بسند قوي عن عبد اللَّه البهي، عن زينب، قالت: قلت للنّبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم: إنّ أبا العاص إن قرب فابن عم، وإن بعد فأبو ولد، وإني قد أجرته. قال: وقيل عن البهي: إن زينب قالت- وهو مرسل.
وقد أخرج أبو داود، والتّرمذيّ، وابن ماجة، من طريق داود بن الحصين، عن