للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منزلا، وكانوا إذا نزلوا أوثقوني في الشّمس واستظلوا وحبسوا عني الطّعام والشّراب حتى يرتحلوا، فبينما أنا كذلك إذا أنا بأثر شيء عليّ برد منه، ثم رفع، ثم عاد فتناولته، فإذا هو دلو ماء، فشربت منه قليلا ثم نزع مني، ثم عاد فتناولته فشربت منه قليلا، ثم رفع ثم عاد أيضا، ثم رفع فصنع ذلك مرارا حتى رويت، ثم أفضت سائره على جسدي وثيابي. فلما استيقظوا فإذا هم بأثر الماء، ورأوني حسنة الهيئة، فقالوا لي: انحللت فأخذت سقاءنا فشربت منه. فقلت: لا، واللَّه ما فعلت ذلك، كان من الأمر كذا وكذا، فقالوا: لئن كنت صادقة فدينك خير من ديننا، فنظروا إلى الأسقية فوجدوها كما تركوها، وأسلموا بعد ذلك.

وأقبلت إلى النّبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم ووهبت نفسها له بغير مهر، فقبلها ودخل عليها، فلما رأى عليها كبرة طلقها «١» .

وقد تقدّمت هذه القصة عن أم شريك بلفظ آخر من وجه آخر في ترجمة بنت أبي العكر في كنى النّساء، وسنده مرسل، وفيه الواقديّ. وأخرج أبو موسى في الذّيل لها قصّة أخرى مع يهوديّ رافقته إلى المدينة شبيهة بهذه في شربها من الدّلو.

وأخرج أبو موسى أيضا من وجه خر عن الكلبيّ عن أبي صالح، عن ابن عبّاس- شبيهة بالقصّة التي في الخبر المرسل، وحاصله أنه اختلف على الكلبيّ في سياق القصّة، ويتحصل منها- إن كان ذلك محفوظا- أنّ قصّة الدّلو وقعت لأم شريك ثلاث مرات. قال ابن الأثير: استدلّ أبو نعيم بهذه القصّة على أن العامريّة هي الدّوسيّة.

قلت: فعلى هذا يلزم منه أن تكون نسبتها إلى بني عامر، من طريق المجاز، مع أنه يحتمل العكس بأن تكون قرشيّة عامريّة، فتزوّجت في دوس فنسبت إليهم.

وأخرج الحميديّ في مسندة، من رواية مجالد، عن الشّعبيّ، عن فاطمة بنت قيس- أن النّبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلم قال لها: «اعتدّي عند أمّ شريك بنت أبي العكر،

وهذا يخالف ما تقدم أنها زوج أبي العكر، ويمكن الجمع بأن تكون كنية والدها وزوجها اتفقتا أو تصحّفت بنت بالموحدة والنّون من بيت بالموحدة والتّحتانية، وبيت الرجل يطلق على زوجته، فتتفق الرّوايتان.

وقد ذكرت في ترجمة أبي العكر وهم قول أبي عمر في قوله: إن أبا العكر ابنها، وجاء


(١) أخرجه البخاري في الصحيح ٧/ ١٧ كتاب النكاح باب عرض المرأة نفسها ومسلم في الصحيح ٢/ ١٠٤٠- ١٠٤١ عن سهل بن سعد الساعدي كتاب النكاح (١٦) باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم.. (١٣) حديث رقم (٧٦/ ١٤٢٥) وأحمد في المسند ٣/ ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>