الفارسين وعنك قال: أما القصر فقد أكرم اللَّه به شهداء البحر، ووكل بهم ملائكة يلقطونهم من البحر فيصيرونهم في تلك الصّناديق مدرجين في أكفان الحرير. والفارسان ملكان يغدوان ويروحان عليهم بالسّلام من اللَّه، وأما أنا فالخضر، وقد سألت ربّي أن يحشرني مع أمّة نبيكم.
قال الرّجل: فلما صرت على السّحابة أصابني من الفزع هول حتى صرت إلى ما ترى، فقال الحسن: لقد عاينت عظيما.
وروى الطّبراني في كتاب الدعاء له قال: حدّثنا يحيى بن محمد الحنائي، حدثنا المعلى بن حرمي، عن محمد بن المهاجر البصريّ، حدّثني أبو عبد اللَّه بن التوأم الرقاشيّ أنّ سليمان بن عبد الملك أخاف رجلا وطلبه ليقتله، فهرب الرجل، فجعلت رسله تختلف إلى منزل ذلك الرجل يطلبونه فلم يظفروا به، فجعل الرجل لا يأتي بلدة إلا قيل له: قد كنت تطلب ها هنا، فلما طال عليه الأمر عزم أن يأتي بلدة لا حكم لسليمان عليها. فذكر قصّة طويلة فيها: فبينا هو في صحراء ليس فيها شجر ولا ماء إذ هو برجل يصلّي، قال: فخفته، ثم رجعت إلى نفسي فقلت: واللَّه ما معي راحلة ولا دابة، قال: فقصدت نحوه فركع وسجد، ثم التفت إليّ فقال: لعل هذا الطّاغي أخافك؟ قلت: أجل. قال: فما يمنعك من السّبع؟ قلت: يرحمك اللَّه، وما السّبع؟ قال: قل سبحان [الواحد] الّذي ليس غيره إله، سبحان القديم الّذي لا بادئ له، سبحان الدائم الّذي لا نفاد له، سبحان الّذي كلّ يوم هو في شأن، سبحان الّذي يحيي ويميت، سبحان الّذي خلق ما نرى وما لا نرى، سبحان الّذي علم كل شيء بغير تعليم، ثم قال: قلها فقلتها وحفظتها والتفتّ فلم أر الرجل.
قال: وألقى اللَّه في قلبي الأمن، ورجعت راجعا من طريقي أريد أهلي، فقلت: لآتين باب سليمان بن عبد الملك، فأتيت بابه فإذا هو يوم إذنه وهو يأذن للنّاس، فدخلت وإنه لعلى فراشه، فما عدا أن رآني فاستوى على فراشه، ثم أومأ إليّ، فما زال يدنيني حتى قعدت معه على الفراش، ثم قال: سحرتني. وساحر أيضا ما بلغني عنك؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، ما أنا بساحر، ولا أعرف السّحر ولا سحرتك. قال: فكيف؟ فما ظننت أن يتمّ ملكي إلا بقتلك. فلما رأيتك لم أستقرّ حتى دعوتك. فأقعدتك معي على فراشي، ثم قال:
أصدقني أمرك، فأخبرته.
قال: يقول سليمان: الخضر واللَّه الّذي لا إله إلا هو علّمكها، اكتبوا له أمانا، وأحسنوا جائزته، واحملوه إلى أهله.
وأخرج أبو نعيم في «الحلية» في ترجمة رجاء بن حيوة، من تاريخ السراج، ثم من