رواية محمد بن ذكوان، عن رجاء بن حيوة. قال: إني لواقف مع سليمان بن عبد الملك، وكانت لي منه منزلة إذ جاء رجل ذكر رجاء من حسن هيئته، قال: فسلّم فقال: يا رجاء، إنك قد ابتليت بهذا الرجل وفي قربه الزيغ، يا رجاء، عليك بالمعروف وعون الضعيف واعلم يا رجاء أنه من كانت له منزلة من السلطان فرفع حاجة إنسان ضعيف وهو لا يستطيع رفعها لقي اللَّه يوم القيامة وقد ثبت قدميه للحساب.
واعلم أنه من كان في حاجة أخيه المسلم كان اللَّه في حاجته. واعلم يا رجاء أنّ من أحب الأعمال إلى اللَّه فرجا أدخلته على مسلم، ثم فقده، وكان يرى أنه الخضر عليه السّلام.
وذكر الزّبير بن بكّار في «الموفقيات» ، قال: أخبرني السري بن الحارث الأنصاريّ، من ولد الحارث بن الصمة، عن مصعب بن ثابت بن عبد اللَّه بن الزبير، وكان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة ويصوم الدّهر، قال: بتّ ليلة في المسجد، فلما خرج الناس إذا رجل قد جاء إلى النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم فسلم، ثم أسند ظهره إلى الجدار. ثم قال: اللَّهمّ إنك تعلم أني كنت أمسى صائما، ثم أمسيت فلم أفطر على شيء، وظللت اليوم صائما، ثم أمسيت فلم أفطر على شيء، اللَّهمّ وإني أمسيت أشتهي الثريد، فأطعمنيها، من عندك. قال: فنظرت إلى وصيف داخل من خوخة المنارة ليس في خلقه صفة النّاس، معه قصعة فأهوى بها إلى الرجل، فوضعها بين يديه، وجلس الرجل يأكل وحصبني، فقال: هلمّ. فجئت وظننت أنها من الجنة فأحببت أن آكل منها، فأكلت منها لقمة فإذا طعام لا يشبه طعام أهل الدّنيا، ثم احتشمت فقمت فرجعت إلى مكاني. فلما فرغ من أكله أخذ الوصيف القصعة ثم أهوى راجعا من حيث جاء، ثم قام الرجل منصرفا فاتبعته لأعرفه، فمثل، فلا أدري أين سلك، فظننته الخضر.
وقال أبو الحسين بن المنادي في الجزء المذكور: حدّثني أحمد بن ملاعب، حدثنا يحيى بن سعيد السعيدي، أخبرني أبو جعفر الكوفي، حدثني أبو عمر النّصيبي، قال:
خرجت أطلب مسلمة بن مصقلة بالشام، وكان يقال إنه من الأبدال، فلقيته بوادي الأردنّ، فقال لي: ألا أخبرك بشيء رأيته اليوم في هذا الوادي؟ قال: قلت: بلى، قال: دخلت اليوم هذا الوادي فإذا أنا بشيخ يصلّي إلى شجرة، فألقي في روعي أنه إلياس النبيّ، فدنوت منه فسلّمت عليه، فركع، فلما جلس سلّم عن يمينه وعن شماله، ثم أقبل عليّ فقال: وعليك السلام، فقلت من أنت يرحمك اللَّه؟ قال أنا إلياس النبيّ. قال: فأخذتني رعدة شديدة حتى خررت على قفاي، قال: فدنا مني فوضع يده بين يدي فوجدت بردها بين كتفي، فقلت: يا