نبي اللَّه، ادع اللَّه أن يذهب عني ما أجد حتى أفهم كلامك عنك فدعا لي بثمانية أسماء:
خمسة منها بالعربية، وثلاثة بالسريانية، فقال: يا واحد، يا أحد، يا صمد، يا فرد، يا وتر.
ودعا بالثلاثة الأسماء الأخر فلم أعرفها، ثم أخذ بيدي فأجلسني، فذهب عني ما كنت أجد.
فقلت: يا نبيّ اللَّه، ألم تر إلى هذا الرجل ما يصنع؟ يعني مروان بن محمد، وهو يومئذ يحاصر أهل حمص، فقال لي: ما لك وما له؟ جبّار، عات على اللَّه فقلت: يا نبيّ اللَّه، أما إني قد مررت به قال: فأعرض عني. فقلت: يا نبي اللَّه، أما إني وإن كنت قد مررت بهم فإنّي لم أهو أحدا من الفريقين، وأنا أستغفر اللَّه وأتوب إليه. قال: فأقبل عليّ بوجهه. ثم قال لي: قد أحسنت، هكذا فقل ثم لا تعد.
قلت: يا نبيّ اللَّه، هل في الأرض اليوم من الأبدال أحد؟ قال: نعم، هم ستون رجلا، منهم خمسون فيما بين العريش إلى الفرات، ومنهم ثلاثة بالمصيّصة، وواحد بأنطاكيّة، وسائر العشرة في سائر أمصار العرب.
قلت: يا نبي اللَّه، هل تلتقي أنت والخضر؟ قال: نعم، نلتقي في كل موسم بمنى.
قلت: فما يكون من حديثكما؟ قال: يأخذ من شعري وآخذ من شعره، قلت: يا نبي اللَّه، إنّي رجل خلو ليست لي زوجة ولا ولد، فإن رأيت أن تأذن لي فأصحبك وأكون معك.
قال: إنك لن تستطيع ذلك، وإنك لا تقدر على ذلك.
قال: فبينما هو يحدّثني إذ رأيت مائدة قد خرجت من أصل الشجرة فوضعت بين يديه، ولم أر من وضعها، عليها ثلاثة أرغفة، فمدّ يده ليأكل، وقال لي: كل وسمّ، وكل مما يليك، فمددت يدي فأكلت أنا وهو رغيفا ونصفا، ثم إنّ المائدة رفعت ولم أر أحدا رفعها، وأتى إناء فيه شراب فوضع في يده لم أر أحدا وضعه فشرب، ثم ناولني فقال:
اشرب فشربت أحلى من العسل وأشد بياضا من اللّبن، ثم وضعت الإناء فرفع فلم أر أحدا رفعه. ثم نظر إلى أسفل الوادي فإذا دابّة قد أقبلت فوق الحمار ودون البغل، عليه رحالة، فلما انتهى إليه نزل. فقام ليركب ودرت به لآخذ بغرز الرّحالة، فركب ثم سار. ومشيت إلى جنبه وأنا أقول: يا نبيّ اللَّه، إن رأيت أن تأذن لي فأصحبك وأكون معك؟ قال: ألم أقل لك: لن تستطيع ذلك؟ فقلت له: فكيف لي بلقائك؟ قال: إني إذا رأيتك رأيتني. قلت:
(على) ذلك؟ قال: نعم، لعلك تلقاني في رمضان معتكفا ببيت المقدس، واستقبلته شجرة فأخذ من ناحية ودرت من الجانب الآخر أستقبله فلم أر شيئا.
قال ابن الجوزيّ: مسلمة والراوي عنه وأبو جعفر الكوفي لا يعرفون،.
وروى داود بن مهران، عن شيخ عن حبيب أبي محمد أنه رأى رجلا فقال له: من أنت؟ قال: أنا الخضر.