الملك الظاهر طلبه ولاطَفَه ليَبذُلَه، فقال: لا سبيل إلى ذلك أبدًا، لكن تصل إليك أموالٌ من جهة المصادَرين ونحو ذلك فلا تَعجَل، فخلا به وحادَثَه، وهو كالكلب لا يجزع أصلًا، فضَمَرَ له وعذَّبه، حتى قُتل تحت العذاب ولم يُقِرَّ بشيء.
وقد أكل منه خلق ذهبًا كثيرًا حتى قيل: إنَّ مبلغ ما نقل إلى الخزانة من هذا في سنتين ست مئة ألف دينار، ضُبط ذلك بقلم الصَّيارفة الذين كان يجعل عندهم المال، ويكتب إليهم بأوراقه، هذا سوى ما اصطفى من ذلك وأعطى المحاويج، وما أَكَلَ من هذا المال، بل كان النصارى يتصدقون لمحبته بالقُوت، ولم يظهر له بعد قتله دينار، وكان يأتي الحبسَ ويُخرِج من عليه دَين، وقد توصل إلى الإسكندرية وأدَّى أموالًا عن أهل الذِّمة إلى الصعيد، وكان عجيبَ الحال، لعنه الله.
والظاهر أنه كان مخدومًا من الجنّ، وإلّا فلو كان يعطي من كَنز مَعِين لما فات رُجَّح الرجال، فإنَّ العيون تتطلع إلى من هو دون ذلك وتَتْبعُه، وأيضًا فذهب الدفاين تُستَغرب سِكّته وتُعرَف، وأهل مِلّته يظنون به الكرامة، حاشى وكلّا، فهذا الدجال الأكبرَ تتبعه كنوز الدنيا، وتطير معه الأموال طيرانَ النَّحْل، ولو كان هذا الأقلف مسلمًا لاشتدَّت بحاله سَفَهة الخلق، وقد جاءت السلطان فتاوى الفقهاء بقتله خوفَ الافتتان به من الثَّغْر.
وقيل: لما اشتدَّ عليه ألمُ العذاب قال: إن ضُرِبَت عنقي لم يعمل فيها سيف أبدًا، فضُربت عنقه، وقال ذلك ليستريحَ من التعذيب، سنة ست وستين وست مئة، وأُلقِيَ على باب القَرَافة، وربما نَدِمَ الظاهرُ على قتله.