كان بصيرًا بالفقه، ذا فنون وخِبْرة بالطِّب، مع الدِّين والتزهّد.
خُنِقَ ببغداد سنة سبع وسبعين، ودُفن عند الجُنيد، وعاش ثلاثًا وسبعين سنة، ورَثَته الشعراء، ودرَّس بالبشيرية، وحَكَم ولدُه صدر الدين، وله ابنٌ كبير بالهند له شأن، وابنٌ آخر على قضاء هَرَاة.
١٩٩ - العَزَفي *
ملك سَبْتَة، الفقيه أبو القاسم محمد ابن ملك سَبْتة أبي العباس أحمد بن محمد، اللَّخْمي السَّبْتي العَزَفِي.
وليَ بعد أبيه الفقيه أبي العباس في سنة ثلاث وثلاثين، وتمكَّن.
وقال أبو حيان: ساسَ بلدَه أحسنَ سياسة بحيث لم يختلف عليه اثنان، ولا يؤدِّي لأحد من ملوك المغرب طاعةً، ولم يَتَسمَّ بألقاب الملوك، إنما يقال: الفقيه، كما يقال لأبيه.
وكان أبيض رَبْعةً ذا شَيبة، شهمًا، عادلًا، ذا هيئة، سائسًا، لا يدخل غريبٌ سبتةَ إلّا بضامن، ولا يخرج إلّا بإذن، وما قتل أحدًا ولا قطع إلّا في حَدٍّ، وكان لا يدخل سَبْتة أحدٌ راكبًا، قال: وكان متواضعًا قريبًا من الناس، يمرُّ في الطُّرُق ويسلِّم على العامَّة، ويسألهم عن أحوالهم، ويؤانس صبيانَهم، ويسألهم عما يشتغلون به من علم أو صَنْعة، وبقي الغرباءُ يرغبون في سكن بلده ويشترون به العَقَار.
وكان عسكرُه أهلَ بلده يُحكِمون الرَّمي، وأجرى عليهم رِزقًا، ولهم
(*) تاريخ الإسلام: ١٥/ ٤١٣، الوافي بالوفيات: ٢٤/ ٨٣.