للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأمور تزيد وتنقص، وأما أملاكه ووقوفه فشيء كثير إلى الغاية.

اللهمَّ ففرِّج عن الأُمّة، وامحق الفجّار واكفِناهم بما شئتَ، آمين، فلقد كان تنكز سِياجًا على دمشق والناسُ في أمنٍ به، والظَّلمة كافُّون، والرعيّة في عافية من المصادَرة والعَسْف، فتفتَّحت أبواب وشرور.

وكان سامحه الله تعالى أبيضَ إلى السُّمرة، رشيق القَدِّ إلى الطُّول، مليح الشعر خفيف اللحية، قليل الشيب، جَهْوريّ الصوت، في مِزاجه يُبْس وسوداء، في لسانه عُجْمة، جَلَبه خواجة علاء الدين السِّيواسي التاجر، فاشتراه حسام الدين لاجِين الذي تَسلطَن، فلمّا قُتِل لاجين ونائبه مَنكُوتمر، صار تنكز من خاصكيّة السلطان، وشهد معه وقعة وادي الخزندار، ثم وقعة شَقحَب، ومع تقدمه وعلوِّ رُتْبته لم يكن يصلح للمُلْك، ولا يجيء منه سلطان أبدًا، لبخله وحِرصه ولعدم وُدِّه للأمراء، بل كانوا منه في رَوْع وخوف، ومَن صادقه منهم يكون منه على وَجَل، ولا كان له كمال دهاءٍ ولا تمامُ شجاعة، ومن كان بهذه الصفات أنَّى يتملَّك، أنَّى ينبل؟! بل لو هرب لأَوشَك من اتَّبعه أن يُسلِموه هذا الذي أعتقده، وغاية ما عَزَمَ عليه أن يفرَّ إلى قلعة جَعبَر أو إلى درندة، وكان يؤتى به أسيرًا أو يُقتَل على فرسه، ولم تكن غلمانه ذوي عددٍ بالنسبة إلى حِشْمته، ولا كانوا معه في سَعَة كما ينبغي، بل كانوا يتألَّمون من أخلاقه وشُحِّه.

٩٣٣ - ابن تَمَّام *

الشيخ العالم المقرئ، الخيِّر التقيّ، القُدْوة بَرَكة الوقت، أبو عبد الله


(*) معجم الشيوخ الكبير: ٢/ ١٤١، فوات الوفيات: ٣/ ٣١٤، الوافي بالوفيات: ٢/ ١٠٧، ذيل طبقات الحنابلة: ٥/ ٩٩، ذيل التقييد: ١/ ٤١، الدرر الكامنة: ٥/ ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>