ملك المغرب، السلطان الكبير، أبو يعقوب يوسف ابن السلطان يعقوب بن عبد الحق بن مَحيُو المَرِيني، المغربي الأعرابيّ.
وبنو مَرِين عرب ذَوُو عَدَد، من ظواهر فاس، تُضرَب بفروسيّتهم الأمثال، لا يلتحفون بلأْمة حرب بل يقاتلون في ثيابهم بلا جُنَّة، ولهم خِفَّة عَجِيبة على الخيل، فأول مظهرهم كان مع رئيسهم الأحور أبو سعيد بن عثمان بن عبد الحق بن مَحيُو، في حدود سنة ثلاث وأربعين وست مئة، عند وهن الدولة المُؤمنية وإدبارها، فاستولَوا على تازة، ثم بعد ثلاثة أعوام تملَّك الأحورُ فاس، ثم توفي، فقام أخوه محمد الأعرج فلم يُطوِّل، وقام بعده أخوهما أبو بكر، ثم ابنه عمر، فبقي أشهُرًا وخَلَعه عمُّه المجاهد يعقوب، وتمكَّن ودانت له المغرب، وبقي في المُلك ثمانيًا وعشرين سنة، فتوفِّي بالجزيرة الخضراء مُرابِطًا، فتَسلطَن بعده ابنه أبو يعقوب هذا وتَلقَّب بالأصفر، وهو الذي حاصر تِلِمْسان بعد السبع مئة مدة طويلة، فقُتل بظاهرها، وَثَبَ عليه الخادمُ الأسود على فراشه ففَتَك به بمُواطَأة من أخيه أبي بكر وكاتبِ سرِّه عبد الله بن أبي مدين في ثاني عشر ذي القَعدة سنة خمس وسبع مئة، ويقال: في سنة سبع، وتسلطن بعده حفيدُه عامر بن عبد الله، ثم مات مسمومًا بطَنْجةَ بعد سنة ونصف، وتسلطن بعده أخوه أبو الرَّبيع سليمان بن عبد الله، وكانت دولته ثلاث سنين، ومات على رِباط الفتح، وتسلطن الملقَّب بأمير المؤمنين عمّ أبيه أبو سعيد عثمان ابن السلطان يعقوب بن عبد الحق فامتدَّت أيامُه.
(*) المختصر من أخبار البشر: ٤/ ٥٢، الدرر الكامنة: ٦/ ٢٥٥، شذرات الذهب: ٨/ ٢٥.