الشيخ الإمام الفقيه المفتي، القُدْوة الزاهد العابد، القاضي الخطيب، بقيّة السَّلف الأخيار، صدر الدين أبو الفضل، سليمان بن هلال بن شِبْل ابن فَلاح، القُرشي الجعفري، الحَوْراني، الشافعيُّ صاحب النَّواوي.
وُلد سنة اثنتين وأربعين وست مئة بقرية بُشْرى من السَّوَاد.
وقَدِمَ مراهقاً، فحفظ القرآن بمدرسة أبي عمر على الشيخ نصر بن عُبيد، ورَجَع إلى البلاد، ثم قدم بعد سبع سنين فتفقَّه بالشيخ تاج الدين وبالشيخ محيي الدين النَّواوي، وأتقَنَ الفقه وأعادَ بالناصرية، ثم ناب في القضاء لابن صَصْرَى مدةً، فحُمِدَ، ولم يغيِّر ثوبه القُطْني ولا عمامته الصغيرة، وتُحكَى عنه حكايات في رِفْقه بالخصوم، وخيره وتواضعه، ثم تركه فوليَ خطابة العُقيبة واكتفى بها.
وعيَّنه وليُّ الأمر للاستسقاء بالناس في سنة تسع عشرة وسبع مئة فسُقُوا.
وكان قبلُ خطيبًا بدارَيَّا مدةً، يدخل على بهيمة ضعيفة، فرأى مرة صُعلوكةً تحمل حَطباً، فنزل وحمل حطبَها على دابته إلى باب الجابيَة، وكان ربما مَشَى إلى بعض الشهود ليؤدِّي عنده الشهادة، وربما مشى إلى بعض الخصوم فيصلح بينهما.
وكان لا يدخل حمَّاماً ولا يَتنعَّم، ويُؤثِر ويُطعِم العَيش، ومحاسنه غزيرة.