للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وكان كثيرًا ما يباشر الحِصارات والنقور والمجانيق بنفسه، ويتعجَّب الأمراء من إقدامه، وكانت الفرنج والتتار تهابُه.

وكان قد جعل نائبَ مُلْكه مملوكَه بدر الدين بَيْليك الخَزندار، فكان من نبلاء الرجال، له فهم ومعرفة ودِيانة، فكَتَم موتَه وساق بالجيش والخزائن حول محفّة السلطان، يُوهِمُ أنه مريض، فوصل إلى السَّعيد بمصر، وأعلن بالوفاة، فسُقِيَ بَيليك سمًّا سقاه شمس الدين الفارقاني وولده السعيد، فمرض بقُولَنْج (١) أسبوعًا، ومات في ربيع الأول.

١٨٠ - الشيخ خَضِر *

هو الفقير العَدَويّ، خَضِر بن أبي بكر بن موسى، المِهْراني، شيخ الملك الظاهر.

صاحب حالٍ وتصرّف، وكشف، ونفسٍ مؤثِّرة، وهِمّة فعالة، ومَدَد شيطاني، بحيث إنه أعلَمَ الظاهرَ بأنه يتملَّك، فارتبط عليه لما تَسَلطَن، وكان ينزل لزيارته في الشهر مراتٍ، ويحادثه بأسراره ويستصحبه في أسفاره، وسأله: متى أفتح أرسوف، فعيّن اليوم، فوافق، وكذا في صفد، وقال له نوبةً: لا ترح إلى الكرك، فخالفه، فوقع وانكسرت رجلُه، وقال في حصن الأكراد: تفتحونه بأربعين يومًا، فوافق ولكنه كان مزَّاحًا، كثير الشَّطح والسَّفه، بذّالًا للمال لا يدَّخر شيئًا، يكتب في أوراقه: من خضر نيَّاك الحمارة.

ونَقَمَ عليه الكِبار والسلطان مخازيَ، ونُسِب إلى كُفريات، وأُحضر من


(١) هو مرض مِعَوي مؤلم يصعب معه خروج البراز والرّيح وسببه التهاب القُولون. المعجم الوسيط: ٢/ ٧٦٧.
(*) تاريخ الإسلام: ١٥/ ٣٠٩، الوافي بالوفيات: ١٣/ ٢٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>