الأُمراء فأحدقوا بدار الكريم خوفًا عليها لِما بها من بيوت الأموال، ثم تتابع الحريق في الدُّور الحسنة، وتألَّم السلطان وأمر بتَتبُّع الأمر، فقيل: من النصارى، ثم وُجِدَ من بعضهم الآت الإحراق، فقيل: إنَّ أعيانهم أمروا بذلك، لأجل ما جرى من هدم كنائس لهم، لأنَّ السلطان خرَّب شيئًا من كنيسة لأجل بناءٍ له، فوقع الصائحُ في الغوغاء: أن كنائس النصارى أُمر بهدمها، فمالوا على كنائس النصارى نهبًا وتخريبًا، وعَظُم الشَّرُّ حتى زجرهم السلطان، فغضب القِبطُ فرتَّبوا أربعين نصرانيًا للإحراق، وجاء الكريم من الإسكندرية فرجمته الغوغاء فغضب له السلطان، فقطع أيدي أربعة، وقيَّد جماعة، ونُوديَ: أنَّ النصاري لا يدخلون حمّامًا إلَّا بأجراس، وأن يركبوا عَرْضًا، وأن لا يستخدموا، فخفَّ الإحراق بعد أن ذهبت الأموال، وقَنَتَ الأئمة، وأعدُّوا المياه للإطفاء.
ومن كتاب الإمام موفَّق الدين الحنبلي: استمرّ الحريق أسبوعًا لا يخلو يوم من حريق في عدة مواضع، حتى لأُخبِرتُ أنَّ ابن الأيدمريّ ذكر أنَّ له رَبْعًا وقعت فيه النار تسعًا وعشرين مرة، وأُخذ جماعة من النصاري فاعترفوا، فأُحرق منهم خمسة أنفُسٍ، وضُربت عنق سادس، وأسلم منهم جماعة، وثارت العامّة بالنصارى، واختفوا، وقُطِع أيدي أربعة ممَّن رَجَم كريم الدين وإنسان خامس، وأُلزم النصارى بلبس ثياب زُرْق أيضًا، فأسلم جماعة، وذلك في وسط سنة إحدى وعشرين.
القِحَاب
وفي سنة إحدى وعشرين أيضًا أُحرق ببغداد بازار الخَوَاطي (١) جميعه،