للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قامر الشهاب قُطِعت يَدُه، فضاقت به الأرض، فتركها ورَدَّ إلى دمشق، وآل به الحالُ حتى أَوى إلى قَمِينٍ (١) من البرد، ثم نادم صاحبَ حماة إلى أن مات سنة خمس وسبعين، وهو القائل:

وأَعِدْ جُمَانَ الطَّلِّ وهو مُنظّمٌ … عِقدًا بجِيدِ البانةِ (٢) الممطورِ

وإذا الثَّنيَّة أشرَقت وشَممْتَ من … أرجائها أرَجًا كنَشْر عَبيرِ

سل هَضْبَها المنصوبَ أين حديثُها ال … مرفوعُ عن ذَيل الصِّبا المجرورِ

١٦٨ - صاحب تونس *

المستنصِر، أبو عبد الله محمد ابن الملك يحيى ابن الأمير عبد الواحد ابن الشيخ عمر، البَرْبَري الهَنْتاني المُوحِّدي.

كان عمرُ أحدَ العشرة الخواصِّ بالمَهْدي ابن تومرت.

توفي يحيى سنة سبع وأربعين وعَهِدَ إلى محمد هذا، فظهر مَلِكًا شَهمًا داهيةً، شديد الوَطْأة، بطلًا شجاعًا، عَسُوفًا متحيِّلًا، جوادًا ممدَّحًا، ذا غرام بالعمارات الفاخرة، وتناول الملذوذات، تُزَفُّ إليه كلَّ ليلة جارية.

اتفق موتُ أبيه وهذا غائب، فساق إلى تونس خوفًا من عمَّيه، وتَسلطَنَ وقتلهما، وبَذَلَ الأموال في العرب، وظَفِرَ بجماعة ثاروا عليه فسجنهم في مكان صَيَّر أساسَه من ملح، ثم بعد مدَّة أرسل على الأساس ماءً فانهدَم عليهم، وكانت أسلحة جيشه عنده، فإذا كان هيجٌ فرَّقها عليهم، ويُنفِق


(١) القمين: أتُون الحمّامات، وهو موقد نارها. ينظر "اللسان" (قمن).
(٢) البانة: واحدةُ البان، وهو نوعٌ من الشجر لحبِّ ثمرِه دُهْنٌ طيِّب الزهر. ينظر "الصحاح" (بون).
(*) تاريخ الإسلام: ١٥/ ٢٩٨، ذيل مرآة الزمان: ٣/ ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>