هذا عهدٌ لا عهدَ لملِك بمثله، ثم بعد دونِ سنةٍ عاد السلطانُ إلى مقرِّ عزِّه، وخُنِق المظفَّر، وعَذَرَ السلطانُ الخليفةَ لعجزه عن الامتناع ولعدم تصرُّفه في شيء من الأمر.
فلما كان في سنة نيِّف وثلاثين غضب السلطانُ وأبعدَ الخليفةَ إلى قُوص، فأقام بها سنواتٍ إلى أن توفِّي في شعبان في مُستهَلِّه من سنة أربعين وسبع مئة، وعَهِدَ بالأمر إلى ولده.
وكان المستكفي يَركَب في الميدان يومَ لعب الدولة بالكُرَة، وعلى كتفه جوكان، فليتَه لا فعل. وله جوارٍ مُطربات يُتحِف بسماعهنَّ من يختاره، وهذا كما ترى! وكان يتردَّد في مصالحه، ويركب إلى دكَّة النخس، ويقترض، وله في السَّنة ما يقارب مئتي ألف درهم، وقُرِّر له بقُوص تسعة آلاف في كل شهر على الجِزْية وغيرها، سوى غَلَّة كثيرة، وله دارٌ فاخرة عند الكَبْش، ثم مات خاملًا ولم يُصلَّ عليه صلاة الغائب، فإنا لله!
٩٣١ - الرَّفّاء *
الشيخ المُسنِد، المقرئ المجوِّد، الزاهد العابد، أبو الحسين علي بن محمد بن محمد، البغدادي، الرَّفّاء صنعةٌ كانت له.
وهو سِبطُ الشيخ عبد الرحيم بن الزَّجّاج، فسمَّعه كثيرًا، سمع "جامع المسانيد" من ابن أبي الدِّينة، و "جزء الأنصاري" من عبد الله بن وَرْخز صاحب ابن الأخضر، ومن البخاري علي بن الحسن الوُجُوهي، وبعض "مسند الإمام أحمد" من الشيخ عبد الصمد بن أحمد ومن جدِّه، وأجاز له