وكان فيه مروءة واحتمال، ورِفق بالفقهاء، وله دُرْبةٌ بالقضاء وبَتِّ الأحكام.
توفّي في جمادى الآخرة سنة ثمان عشرة وسبع مئة، وله خمس وثمانون.
حَكَم بعد ابن شاش، وولي بعده القاضي تقيّ الدين ابن الإخنائيّ.
شأن الزَّوْبعة
هاجت ريحٌ عاصفٌ بأرض طرابُلس في صفر سنة ثمان عشرة فكسرت البيوت، وتشكَّلت عمودًا أغبر إلى السحاب، ودامت نحو ساعة على زوق المقدَّم طُرْلي من مَنْكلي، فما تركتْ شيئًا له، فقال: يا ربِّ، بقيت العائلة بلا رزق، فعادت الريح كالتنِّين، فأهلكته، وأهلكت امرأته، وبنته وولديها وجاريته، وتتمَّة أحد عشر نفرًا، وتكسَّر ثلاثةُ أنفُسٍ من الأحجار والأخشابِ، وحَمَلَت الريحُ جملين عُلُوَّ عشرةِ رماح، وتمزَّق الأثاث والقماش، وحَمَلَت امرأةً نحوَ رميتي نُشّاب، وأَخذت أربعةَ أجمال للعرب، ثم سقطت من الجوِّ هَلكَى، وهلك دوابُّ كثير، ثمَّ نزل مطرٌ وبَرَدٌ كِبار نحو وُقِيَّتَينِ وأكثر مثلَّثُ الشكل ومربَّع كزَلَطِ الحجارة، وهلكت الزُّروع، وكُتب بذلك مَحضَرٌ أثبَتَه قاضي طرابلس، فسبحان الله العظيم!
قَحْط الجزيرة
توفي في سنة ثمان عشرة بالموصل وإربل وديار بكر من الغلاء والفناء