مَنكُوتمر ونزل من جانبه الشرقي، ونزل أبغَا من جانبه الغربي، وتهيّؤوا للّقاء، فحرك أبغا كُوساته، وقطع النهر على مَنكُوتمر، ثم تحامى عسكر مَنكُوتمر بعد الهزيمة وكرُّوا، فثبت لهم أبغا، ودام القتال إلى الليل، وانتصر أبغا، وهمَّ جيشه بنزوله على نهر كور، ثم شاور أمراءه في عمل سور من خشب على هذا النهر، فأشاروا بذلك، فقاس النهر، وذلك من حدِّ تَفْليس، وجعل في جزء كل مقدَّمِ مئةٍ عشرين ذراعًا، فأسرعوا في عمله، ففَرَغ في أسبوع، وجعل عنده تُرْكًا دائمًا.
ويقال: إنَّ عسكر مملكة بَرَكة - التي هي اليوم لأُزُبَك خان - يكونون أزيد من مئتي ألف فارس، ولا تزال الوحشة بينه وبين أولاد هولاكو، وهم في الغالب يحرِّشون بهؤلاء، وهؤلاء لا يطمعون في دخول مدينة سراوس إلى أولئك، وقد فشى الإسلام وعلا في الفريقين، ولله الحمد، فكان في ظهور التتار تمحيص وشهادة لأمم لا يحصيهم إلّا الله، وقد حُتفوا، وكان في ذلك انتشار الإسلام في قبائل الأتراك والمغول، وأسلم منهم أمم عظيمة وجاء أولادهم مسلمين، ولله أسرار في قضائه وقدره.
وقد ذكرنا مسير بركة إلى باب شيخ خراسان الباخَرْزي وكيف أسلم على يده.
٦٨ - أبو شامة *
الإمام العلّامة المجتهد الحافظ ذو الفنون، شهاب الدين أبو القاسم، عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان، المَقدسي ثم الدمشقي، الشافعي المُقْرئ المحدِّث النَّحْوي.
(*) تاريخ الإسلام: ١٥/ ١١٤، الوافي بالوفيات: ١٨/ ٦٧.