المبنيَّة إلى أعلاه، فسبحان الله العظيم! وهذا أمرٌ ثابت لا ارتيابَ فيه، ودُثِر ما في المسافة في البلد من الدور والحوانيت، وغرق خلقٌ من الرجال والنساء، وزَخَمَ الماءُ إلى الجامع من جهة الأمِينيّة فغرَّق الجامع ومَن فيه، وهَدَم حائطه الغربيَّ، ونزل إلى خندق القلعة، وذهب إلى البساتين، ولم يكن مقدار الماء على قدر ما بدَّع وأباد، لأنهم رأَوه في البساتين ليس بكثير بل كان آيةً حيَّرت العُقلاء، ووقع أوله رعدٌ عظيم وبرقٌ متواصل، وخرَّب نحو ثلث بَعلَبَكَّ، وكانت ساعةً كالساعة، ووقع الصُّراخ والعَويل في أرجاء المدينة على الغُرَقاء، فكانوا أزيَدَ من مئة وأربعين غريقًا، خَرَقت من السُّور بُرْجًا تامًّا سُمْكُه خمسة أذرُع من البَدَنتَينِ عن يمينه وشماله، فحمله الماءُ على هيئته، ولعلَّ زِنَةَ هذا الذي حمله الماء ثلاثة آلاف قنطار بالدِّمشقي، وذهبت الأموال والأملاك والرجال، صَدَم حائط الأَمِينيّة فأخذَ مِن بيت المدرِّس زوجتَه وحماتَه وكُتبَه إلى صحن المدرسة، فغرقت الأمُّ وشافت (١) الزوجة، فألقاها السيل على عقد باب المدرسة ثم أنزلت بسُلَّم، قال لي زوجها القاضي شمس الدين ابن المجد أعجب من ذلك: أنَّ زَخَم الماءِ دفع رأس عمودٍ ألقاه على رأس سارية بحذاء العمود، بينهما مسافة أذرع. وذكر ثقاتٌ: أنهم رأوا عمودًا عظيمًا من نار نزل في أول السيل ودخانًا وصرخات وهَلَك في حمّام سبع نسوة. وقيل: عِدّة ما انهدَّ من بيتٍ وحانوت: ست مئة مكان.
المَهْدي
خرج جَبَليٌّ دجّال، والتفَّ عليه نُصَيْريّة بجَبَلة، وقاتلوا وكثروا،