ولي العراقَ أكثر من ثلاث سنين، ثم قُبض عليه وعلى مجد الدين بن الأثير والوزير سعد الدين العَجَمي، فصُودِروا وعُذّبوا، ثم قتلهما أرق بأمر أرغُون.
واشتدَّ إذ ذاك القحطُ بالعراق، وكَثُر الوباء، واشتد العَسْف والظلم، وبيع الخبز ثلاثة أرطال بالبغدادي بدرهم، وذلك سنة خمس وثمانين، وقُتل هارون ابن حاجب الوزارة شمس الدين الجُوَيني، وماتت معه أو قبله بليال زوجته رابعة بنت أحمد ابن الخليفة المستنصر، ثم ولي نَظَرَ بغداد خطلوشاه غلام صاحب الديوان، فالتمس إبعادَ سعد الدولة ابن الصَّفِيّ اليهودي الطبيب عنه وكفَّ يدِه، فأُجيب، فلزم سعدُ الدولة أرق وطبَّب أرغون و خدمه وأوضح له أمور العراق، وتكلَّم وترافع، فبعثه على العراق، فخفَّف من المؤن وعذَّب النُّظّار، ووفد عليه عدة من يهود تَفْليس وصاروا كَتَبةً وشَمَخوا وتكبّروا وكثر العَسْف، ورتَّب سعدُ الدولة أخاه الفخر والمهذَّب بن الماشَعِيري، وقَتَل خطلغ شاه الصاحبيَّ، وقتلوا منصور ابنَ صاحب الديوان، ثم صلب مسعودٌ ابنَ الوزير شمس الدين الجُوَيني، وأحاط البلاءُ بآل الجُوَيني بحيث إنهم أحضروا فرج الله ابن الوزير صبيًّا في المكتب وجرَّدوه، فلما عرف أنه القتل بكى وقال: والله ما بقيت أبطِّل الكُتّاب، فبكى الناس، وقتل هو وأخوه نوروز، واستصرف اليهود على الأُمة، فالأمر لله.
٢٦٨ - صاحب حماة *
الملك المنصور، ناصر الدين أبو المَعالي، محمد ابن الملك المظفَّر
(*) تاريخ الإسلام: ١٥/ ٥١١، الوافي بالوفيات: ٥/ ٩.