ولمّا رَجَع في سنة اثنتي عشرة أعانه عرب إفريقية، وكاتَبَ أهل تونس لكراهيَتهم للملك خالد بن يحيى الهَنْتاني، وقبضوا على خالد، ثم تملَّك اللِّحياني وقتل خالدًا أسيرًا، فبقي ستة أعوام، وأخذ الملكَ منه السلطان أبو بكر بن يحيى بن إبراهيم بن يحيى بن عبد الواحد بن عمر أخو يحيى المقتول، بإعانة البطل الشهير عمر بن زحوا المَريني، وهرب اللِّحياني بآله وحواصله ليلًا في البحر إلى خاله الفرنجي الذي بصِقلِّية، فأجازه.
وكان عالمًا، فاضلًا، قوى العربية، ثم إنه قدم الإسكندريةَ وسكنها حتى مات بها، وكان محباً للحديث والآثار.
وكان يحيى المقتول قد وَرِثَ الملكَ من أبيه صاحب بجاية وقُسَنطينة، وكان شابًا حسنًا، فتعاضَدَ هو وابنُ عمه أبو عصيدة محمد بن يحيى ابن المستنصِر، وتحالَفا على أن من مات قبل صاحبه فمملكتُه كلها للباقي، وكانت دولة أبي عصيدة بضع عشرة سنة، ومات، فأقبل يحيى بجيوشه من بجاية وتملَّك تونسَ، واستناب على بِجاية أخاه أبا بكر، وهرب أعوانُ اللِّحياني من تونس بولد اللِّحياني الأمير محمَّد إلى العرب، فبايعوا محمدًا، وأقبَلوا به فانهزم منهم أبو بكر، واشتغل ابنُ اللِّحياني بالمُلك حولًا كاملًا، ثم أقبل أبو بكر في جيش فالتقى الجمعان، فانكسر محمدٌ وهرب إلى أبيه بطرابُلس.
٧٦٤ - ابن العطَّار*
الشيخ الإمام المفتي المحدِّث، الصالح بقيَّةُ السَّلف، علاء الدين أبو