للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ابنه المستنصِر الملقَّب بأمير المؤمنين، وذلك في الدولة الظاهرية، ودامت دولتُه إلى سنة ست وسبعين، وكان شَهماً ذا جبروت، وتَسلطَنَ بعده ابنُه الواثق بالله يحيى، ثم خُلِعَ بعد سنتين وأشهر، وتملَّك المجاهد إبراهيم فبقي أربعة أعوام، ثم توثَّب عليه الدَّعيُّ أحمد بن مرزوق البجائي الذي زَعَمَ أنه ولد الواثق، وتمَّ ذا له؛ لأن المجاهد قَتَل الفضلَ ابن الواثق سرًّا، فقال هذا: أنا هو الفضلُ، وتملَّك عامين، وقام عليه أبو حفص أخو المجاهد فهَرَب الدعيُّ، ثم أُسر وهَلَك تحت السِّياط بعد أن اعترف أنه دعيٌّ، فتملَّك أبو حفص ثلاثة عشر عامًا وأحسنَ السِّيرة، ثم توفي سنة أربع وتسعين وست مئة، وقام أبو عصيدة محمد ابن الواثق فتملَّك خمس عشرة سنة، وكان صالحًا مشكوراً.

وأما اللِّحياني فاستَوطَن الإسكندرية حتى مات في المحرَّم سنة سبع وعشرين وسبع مئة، وقد شاخَ.

فحدَّثني الفقيه أحمد بن شَبيب، قال: قَدِمَ اللِّحياني الثِّغر وأنا عند الشيخ، فتردَّد إلى الشيخ، فعمل له شرف الدين ابن المنجَّا وليمة، فقال لنا الملك أبو يحيى: عندنا المَرِيّ وهو طيِّب، فقال ابن المنجَّا: فما هو؟ فقال: تعالَوْا غدًا، فظننا يحتفلُ لنا، فلم نرَ شيئًا، بل أخرج سُكُرّجة (١) فيها مَرِيّ، فلَعِقَ ابنُ المنجَّا منه وتطعَّم، وقال: طيِّب، ولَعِقتُ أنا، فهذه كانت مأدُبة هذا الملك. ثم حججتُ مع بيت أمير وفي الرَّكْب اللِّحياني، له بغلة تُجنّب (٢)، وله أتباع، فكانوا يجوعون وكنا نطعمهم، كان الرِّزق معنا كثيرًا.


(١) السُّكُرجة: قصعة يوضع فيها الطعام، ولعلَّ المري شيء يصنع من لبن النُّوق.
(٢) أي: تُقاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>