وتملَّك بعد أبي سعيد ولدُه الفقيه العالم السلطان العادل، الفَحْل الضِّرغام أبو الحسن علي، وأمُّه أَمَة نُوبيَّة، فعَظُمَ شأنُه، وهابَتْه الملوك لكمال سُؤدَده، وشدة هَيْبته، وكَثُرت جيوشه، وتَبلُغنا عنه هِمّة عالية في الجهاد ونشر العدل في الجُملة، أبطَلَ مُكُوسًا وخمورًا، وقرَّر أرزاقًا جيدة؛ للفارس عشرةَ مثاقيل في الشهر، ودون ذلك، يقال: عسكره أزيدُ من مئة ألف فارس، فيهم تُرْك وتَتَر نحو أربعة آلاف، وأكثرهم عرب، وزيُّه هو زيٌّ العرب، وهو كَهْل شديد الأُدْمة، تملَّك تِلِمْسان سنة سبع وثلاثين، وممالكُه الأندلس وفاس، ومن البحر الأعظم إلى بَرْقة.
٨٤٧ - صاحب الأندلس *
أبو عبد الله محمد بن [أبي] الوليد ابن الأحمر.
تملَّك بعد والده، وكان لا نظيرَ له في الشجاعة، وله في ذلك حكايات، وكان ذكيًّا يقظًا، جوادًا ممدَّحًا، وافر الهَيْبة.
قُتل في ذي الحِجّة عام ثلاثة وثلاثين وسبع مئة، قام عليه أمراءُ من المَرِينيّة، وشَدَّ عليه طائفةٌ منهم إبراهيم بن عثمان بن أبي العلاء، وكان ليس له معه سيفٌ ولهذا جَسَروا عليه، وكانت دولتُه ثمانية أعوام، وعاش عشرين سنة، وكانت أمُّه أَمَةً روميّة، وملَّكوا أخاه أبا الحجّاج يوسف وله حينئذٍ سبع عشرة سنة تقريبًا، وهو ديِّن عاقل عالِم خيِّر.
وأما فَرْطُ شجاعة محمدٍ وإقدامه على المهالك فأمرٌ عجيب، بحيث