ابن عُصفور، الحضرمي الأندلسي الإشبيلي، صاحب "المقرَّب".
تَلمَذَ لأبي علي الشَّلَوْبِين وأبي الحسن الدَّبّاج، وبرع في علم العربية، وبزَّ الأقران، واشتَهَر ذكرُه، وبَعُدَ صِيته، وقد لازم الأستاذ أبا علي عشر سنين، وختم عليه "كتاب سيبويه" في نحو السَّبعين طالبًا، ذكر ذلك أبو عبد الله محمد بن حيَّان الشاطبي، وأما الأستاذ أبو حيَّان فيقول: ما أكمل على أبي عليٍّ الكتابَ أصلًا فيما نعلم.
قال: وكان أصبرَ الناس على المطالعة لا يَمَلُّ من ذلك، ألَّف "المُقرَّب" الذي سارت به الإبل والرُّكبان، وكتاب "المُقْنع"، وكتاب "المفتاح"، وكتاب "الهلالي"، وكتاب "الأزهار"، وكتاب "إنارة الدّجى"، و "مختصر الغرّة"، و "مختصر المحتسب"، و "مفاخرة السالف والعِذار"، ومما شرحه ولم يُتمَّه: شرح "المقرَّب"، شرح "الأشعار الستة"، شرح "الحماسة"، شرح "ديوان المتنبي"، "سرقات الشعراء"، شرح "الجُزولية"، "البديع"، وغير ذلك، أقرأَ النَّحو بإشبِيلية وبشَرِيش ومالقة ولورقة ومُرسية، وكان إمامًا لا يُشَقُّ غُباره.
مولده سنة سبع وتسعين وخمس مئة، ومات بتونُس في الرابع والعشرين من ذي القَعدة سنة تسع وستين وست مئة.
قلت: ولم يكن بذاك المَتين، قيل: كان يُتناول في كُمَيْت قتلها المستنصر لأمر اختلف فيه، فقيل: لتحامق في مجلسه، وقيل: لطلبه القضاءَ، وقيل: لتعلقه في سِباب، له:
هنيئًا بطرْفٍ إذا ما جرى … ترى البرقَ يتعب في إثرِهِ