للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأموال البِرّ.

وشرع في فتح أبواب الظُّلم، وخُلع عليه بالطَّرْحة مرَّات، وعمل نظرَ الجامع، وخاف الناسُ من كَيْده وجَبَروته، رأيته بالخِلْعة يمشي الخُيَلاء، وكان رَبْعةً، كثير الشَّيب، فعَدَا طَوْرَه (١)، وآذى غيرَ واحد، وتحامَقَ حتى على النائب والقضاة، فتبَرَّموا به وكاتبوا النائب فيه، فجاء الأمر بالكشف، وكان قد ارتَشَى وحصَّل، فرُسِم عليه بالعَذْرَاويَّة، فظهر عليه بلايا، ومَقَتَه النَّاس، ثم ضرب بالمَقَارع، فحَمَل مَبْلغًا وذاق ذلًا، واشْتَفُوا، وكان قد عَثَّرَ السيفَ واقفَ السَّامَرّيَّة، وأخذ منه قرية الزّنبقيَّة وظلمه، فأتاه يتغمَّم له بتشَفّ، فقال: باللهِ لا تجئْ إليَّ، فقال: ما ينصبر لي عنك وعمل أبياتًا مُقْذِعةً في هَجُوه، أولها:

ورَدَ البشيرُ بما أقرَّ الأعْيُنا … فشفى الصُّدور وبلَّغ الناسَ المُنى

واستَبشَروا وتزايدتْ أفراحُهم … فالكلُّ مشتركون في هذا الهَنا

فلَكَمْ يتيمٍ مُدْقِع ويتيمةٍ … من جَوْرِه باتوا على فَرْش الضَّنَا

ولَكَمْ غَنِيٍّ ظلَّ في أيامه … مُسْتَعْطيًا للناس من بعد الغِنى

إن أنكَرَ اللّصُّ الخبيثُ فِعَالَه … بالمسلمين فأوّلُ القتلى أنا

ثم جاء مرسومٌ بإرساله إلى باب السلطان، فخاف الكلُّ من غائلته، فأصبح مشنوقًا.

قال الشيخ تاج الدين: في ثالث شعبان، تحدَّث الناس بأنه شَنَقَ نفسه، وأُخرجت جنازته، فصُلِّيَ عليه بعد الجمعة، وقَلَّ من شيَّعه، وكُتب مَحضَر:


(١) الطَّوْر: الحدُّ بين الشيئين. والمعنى: جاوز حدَّه وقدْرَه.

<<  <  ج: ص:  >  >>