الأمم، وقبض على عدَّة من الأمراء المقدَّمين، واسْتَناب مماليكه و تمكَّن، ثم كسر التتار يوم حمص سنة ثمانين، وافتتح حصن المَرْقَب، وبلد طرابُلُس وصِهيون، وغير ذلك، وأنشأ مدرسة عظيمة وبيمارستان وبرِّية له بين القصرين، وعمل أنواعًا من البِرّ.
ونشأ له غلمان قلَّ أن ترى العيون مثلهم، كالحُسام لاجين، وزين الدين كَتْبغا اللَّذين تملَّكا، وحسام الدين طُرنطاي نائب المُلك، وعَلَم الدين الشّجاعي، وبدر الدين بَيْدرا، وسيف الدين قَبْجَق الطباخي، وقراسُنقُر، وأمثالهم، وقبض على الحلبي وبَيْسَري والكبار، وسار إلى خدمته سُنْقر الأشقر، فعفا عنه، وأعطاه خيرًا جليلًا.
وخلّف في المُلك ولدَه السلطان الملك الأشرف خليل، وولده مولانا السلطان الملك الناصر أيَّده الله.
توفي في يوم السَّبت سادس عشر ذي القَعدة سنة تسع وثمانين وست مئة، ودفن بتربته بين القصرين، رحمه الله تعالى.
وقَبَض ولدُه على نائب المملكة حسام الدين طُرنطاي، وبسط عليه عذابًا أتلفه واستأصله، وصَبَر المسكين صبرًا جميلًا، وكان عاقلًا، ذكيًّا، مَهيبًا، خبيرًا بالأمور، كامل السؤدد، مليح الشكل، دَيِّنًا، له من الأموال والمماليك والخيل ما يفوق العد، دفن بزاوية السعودي.
قال قطب الدين اليُونينيّ: كان طُرُنْطاي معدوم النظير، ولولا شحّه وبذاءة لسانه لكان أوحد زمانه، خلَّف من العين ألف ألف دينار وست مئة ألف دينار، ولم يبلغ الخمسين.