للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أن يستولي على العراق والجزيرة.

وكان بطلًا شجاعًا، مِقدامًا، مَهيبًا، تامَّ الشَّكل، مِعطاءً، بديع الجمال، كبير الوجه، أبيضَ سمينًا، عالي الهِمة، جَوادًا معطاءً، شديدَ الوَطأة، أباد جماعةً من كبار الأمراء، وله عكوفٌ على اللَّذات، وإهمالٌ للتَّحرُّز لفَرْط شجاعته.

وكان من أبناء ثلاثين سنة، توجَّه من مصر للصيد، ففارقه وزيرُه ابن السَّلْعُوس إلى الإسكندرية، وتصيَّد السلطانُ بالحمامات، فلما كان يوم ثاني عشر المحرَّم سنة ثلاث وتسعين وقت العصر بتَرُوجةَ أقبل في عدَّة أمراء نائبُه بَيْدَرا إليه، فقتلوه، وقد كان أمَرَه بُكْرةً أن يمضي بالدهليز نحو القاهرة، فأحاطوا به، وقد أبعد عن الخاصة، وما معه سوى أمير شكار شهاب الدين بن الأشلّ، فبَدَرَه بَيْدرا فنزل عليه بالسيف، فقطع يدَه، وضربه لاجِين الذي تملَّك فحَلَّ كَتِفَه وسقط، فلو كان معه سيفُه لما أقدَموا عليه، بل كان مشدودًا ببَنْد الملك، وتركوه مُلقًى بالبَرِّيَّة كأن لم يكن، والتفُّوا على بَيْدَرا وخاطَبوه بالسَّلطنة، وساق تحتَ العصائب يَطلُب القاهرة، ولُقِّب بالملك الأوحد فيما قيل، وبات ليلتئذٍ، ثم رَكِبَ، فلما تعالى النهارُ إذا هو بطلب كثير يقصدُه فيهم الأميران كَتْبُغا والحُسام أستاذ الدار، وذلك بالطَّرانة، فحَمَلوا عليه، فتقلَّل عنه أكثرُ الأمراء، فقُتل في الحال ورُفِع رأسه على قَناةٍ، وساقُوا إلى مصر، فما مكَّنَهم الشُّجَاعي من التعدية، وأخذ المراكب والشَّواني إلى جهته ورُبطَت، ثم مشت الرسلُ بينهم، فتقرَّر أن يُملِّكوا عليهم أخا السلطان المولى السلطان الملك الناصر محمّدًا، فجلس على تَخْت المُلك في رابع عشر محرَّم وحَلَفوا له على أن أتابكه كَتْبُغا

<<  <  ج: ص:  >  >>