أخبرنا أبو الصفا الصَّفَدي، أخبرنا أبو حيّان النَّحْوي قال: قرأتُ على الشيخ بهاء الدين "كتاب سيبويه" و"الإيضاح" و"التكملة" و"المفصَّل" و"الحماسة" و"ديوان حبيب" و"ديوان أبي الطيّب" و"ديوان أبي العلاء"، يروي الجميعَ بالسَّماع، وانفرد بسماع "الصِّحاح" للجَوهَري، وكان كثير العبادة والصَّلاة، كثير المُروءة، معتنيًا بأصحابه، كريمًا لا يكادُ يأكل وحدَه، ينهى عن الخَوْض في العقائد، وله تودُّد إلى مَن ينتمي إلى الخير، وكان غير متزوِّج، وكان لي مُكرِمًا معظِّمًا، وله نظمٌ ونثرٌ، وخطٌّ حسن، قرأ القراءات، وسمع الحديث، وبَحَثَ في علم الخِلاف، واعتَنى بكتبِ النحو والآداب، فسمع منها جملةً كثيرة.
وَلِيَ تدريس التفسير بجامع ابن طُولون وبالمنصورية، وله تصدير في النحو بالجامع الأقمر، وتصادير بمصر، ولم يصنِّف إلا ما أَملاه على كتاب "المقرِّب"، وذلك إلى باب الوقف، إلى أن قال: مات في سابع جمادى الأولى وأنشدني لنفسه فيما يكتب على منديل:
ضاعَ منِّي خَصْرُ الحبيب نُحولًا … فلهذا أُضحِي عليه أدورُ
لَطْفَتْ خِرْقتي ودقَّت فجَلَّت … عن نظيرٍ لما حَكَتْها الخُصورُ
أكتُمُ السّرَّ عن رقيبٍ لهذا … بي يُخفِي دموعَه المهجورُ