ابن أحمد بن خليل السَّكُوني الكاتب، والقاضي أبي عبد الله محمّد بن عبد الله الأزديّ، والقاضي أبي زكريا يحيى بن أحمد بن عبد الرحمن بن المُرابِط، والحافظ أبي يعقوب المَحَسّاني، وطائفة سواهم.
وارتحل إلى بابِه العلماءُ لسَعَة معارفه، قال أبو حيان: كان يُحرِّر اللغة ويُعلِّمني النُّطق بها، وكان أفصحَ عالم رأيتُه، وأشفقَه على خلق الله تعالى، أمّارًا بالمعروف، وله صبرٌ على المِحَن، ما كان يضحك إلَّا تبسُّمًا، وكان ورعًا عاملًا، له اليد الطُّولى في علم الحديث والعربية والقراءات، ومشاركة في أصول الفقه، صنَّف فيه وفي علم الكلام والفقه، وله كتب كثيرة وأُمّهات، وله إيثار وبِر وخير.
قلت: ومن مسموعاته "السُّنن الكبير" لأبي عبد الرحمن النَّسَائي، سمعه من أبي الحسن الشارِيّ بسماعه له من أبي محمد عبيد الله الحَجْريّ عن أبي جعفر البِطْرَوْجيّ، سماعًا متّصلًا بينه وبين المصنف سِتَّة، وعُنيَ بالحديث أتمَّ عناية، ونَظَرَ في الرجال، وفَهِم وأتقن، وجمع وألَّف، وعمل تاريخًا للأندلس ذيَّل به على "الصِّلة" لأبي القاسم بن بَشْكُوال، طالعتُه وعَلّقتُ منه جملة، سادَ أهل غَرْناطةَ في معرفة القراءات وعِلَلها، ومعرفة أسانيدها، وأَحكم العربية، وأقرأَها مدة طويلة، وكان رأسًا فيها.
أخذ عنه: الإمام أبو حيّان، وأبو القاسم محمد بن سهل الوزير، وأبو عبد الله محمد بن القاسم بن رمّان، والزاهد أبو عمرو بن المُرابِط، وأبو القاسم بن عِمران السَّبْتيّ، وخلق كثير في فنون العلم. رأيت خطّه بالإجازة لابن سهل بالسَّبع، وهي مصدَّرةٌ بخطبة بديعة مؤنَّقة من عمله.
توفِّي في ثاني ربيع الأول سنة ثمان وسبع مئة، وله إحدى وثمانون سنة،