حدَّثني الإمام محمد بن مُنْتاب: أنَّ عزَّ الدين يوسف الموصلي كتب إليه - وأَراني كتابه - قال: كان لنا رفيق يقال: له الشمس بن الحشيشي؛ كان يسُبَّ أبا بكر وعمر ﵄ ويُبالِغ، فلما وَرَدَ شأنُ تغيير الخُطبة؛ إذْ ترفَّض خربندا، افتري وسبَّ، فقلت له: يا شمسُ، قبيحٌ عليك أن تسُبَّ هؤلاء، وقد شِبتَ، ما لكَ ولهم وقد دَرَجُوا من سبع مئة سنة، والله تعالى يقول: ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ﴾، فكان جوابه: والله والله إنَّ أبا بكر وعمر وعثمان في النار، قال ذلك في مَلأ من الناس، فقام شعرُ جسدي، فرفعت يدي إلى السماء وقلت: اللهمَّ يا قاهرُ فوق عباده، يا من لا يخفى عليه شيء، أسألك بنبيِّك إن كان هذا الكلب على الحقِّ فأنزل بي آية، وإن كان ظالمًا فأنزِلْ به ما يُعلِم هؤلاء الجماعة أنه على الباطل في الحال، فوَرِمَت عيناه حتى كادت تخرج، واسودَّ جسمُه حتى بقيَ كالقِيْر وانتفخ، وخرج من حلقه شيء يصرع الطيور، فحُمِل إلى بيته فما جاوز ثلاثةَ أيام حتى مات، ولم يتمكَّن أحد من غسله مما يجري من جسمه وعينيه، ودفن لا ﵀، ثم قال لي ابن مُنتاب: جاء إلى بغداد أصحابُنا من الموصل وحدَّثوا بهذه الواقعة، وهي صحيحة، وذلك في سنة عشرة وسبع مئة.
وفيها ماتت فاطمةُ بنت علي بن علي بن أبي البدر ببغداد، والقاضي شهاب الدين أحمد بن حبيب الحافظ الحنبلي كهلًا، ونائب طرابلس الحاجّ بهادر، والصلاح محمد بن أحمد بن تُبَّع البَعْليّ، والمحدث الصالح محمد بن علي بن قُطْرال بمكة، والمعمَّر محمد بن أبي القاسم بن منصور بن البانياسيّ عن اثنتين وتسعين سنة، والمفتي عز الدين حسن بن الحارث بن حسين بن مسكين الزُّهْري الشافعي، والصاحب أمين الدين بن الرّقاقي