للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بَرَعَ في الطب، وشارك في الآداب، وفي علم الفلسفة، وعلت رتبتُه إلى أن أُعطيَ الإمرةَ في الدولة الناصرية بدمشق، فلم تكن الإمرةُ لائقةً به.

أنشدني الرَّشيد الأديب لنفسه:

قيل لي: الحافظيُّ قد أمَّروه … قلت: ما زال بالعُلا جديرا

وسليمان من خصائصه المُلْ … ك فلا زال غَرْوَ أن يكون أميرا

خبَّ وأَوضعَ زمن التتار، وسار رسولًا إلى هولاكو، وعمل وصالح، وحثَّ على الناصر الذي أمَّره.

ذكره اليُونيني في "تاريخه" (١)، قال: وفي أواخر اثنتين وستين مَثَلَ الزَّينُ الحافظي بين يدي هولاكو وأحضره، وقال له: قد ثبت عندي خيانتُك وتلاعبُك بالدول، خدمت صاحب بَعلبَكَّ طبيبًا، وصاحب جعبر والناصر، فخنتَ الكلَّ، ثم أتيتَني فأحسنت إليك وكاتبتَ صاحب مصر. ثم قتله وقتل أولاده وأقاربه، فكانوا نحو الخمسين.

وكان الظاهرُ أرسل كتبًا إليه حتى وقعت في يد هولاكو.

قال الموفَّق بن أبي أُصيبِعة (٢):

وما زال زينُ الدين في كل مَنصبٍ … له في سماء المجدِ أعلى المراتبِ

إذا كان في طبٍّ فصدرُ مَحافلٍ … وإن كان في حربٍ فقلبُ الكتائبِ

ثم قال: وما زال في خدمة الناصر يبعثه رسولًا، فاستماله هولاكو وتردَّد في الرّسلية، وطمَّع العدوَّ في الشام، فلما تملَّكوا عَظُمَ بدمشق ولُقِّب


(١) ذيل مرآة الزمان: ٢/ ٢٣٤.
(٢) عيون الأنباء: ٦٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>