وتصدَّر في أيام مشايخه، وشارك في العلوم وتفنَّن، ثم تعبَّد وانقطع وانجمع، فاشتَهَر، وتردَّد إليه الكبارُ والأمراء، وكان يهرب منهم غالبًا، وارتفع أمره جدًّا في دولة تلميذه الشاشنكير.
وكان يؤذي شيخَنا ابن تيميّة، والله تعالى يغفر لهما.
قال ابن أخته الحافظ عبد الكريم: ما دخلتُ عليه إلَّا وجدته مشغولًا بما ينفعه في آخرته.
توفي في جمادى الآخرة سنة تسع عشرة وسبع مئة.
وكان يتغالى في ابن العربي في الجُملة ولا يخوض في مُزمِناته.
وقد لحقتُ جماعةً من الفضلاء بهذه الصفة يبالغون في تعظيم كبيرٍ فوق الحاجة وله معضلات ومُزْمِنات لا يفهمونها ولا يخوضون في لوازمها، أو قد لا يعرفون أنه عَمَّق في ذلك ولا دقَّق، كما أنَّ طوائف وعلماء يذمُّون الكبير بشناعةٍ قيلَت عنه، قالها أولم يقُلها، أو تاب منها، أو له فيها عُذْرٌ عند الله تعالى لِحُسْن قَصْدِه، واستفراغ وُسْعِه في اجتهاده، وله أعمال صالحة، وعلوم نافعة تُدفَن وتُنسَى، فما أحسنَ الإنصافَ وما أجملَ الورعَ.
ولقد جلستُ مع الشيخ نصر بزاويته، وأعجبَني سَمْتُه وعبادتُه.
ونقل إليه أوباشٌ عن شيخنا ابن تيميّة أنه يحُطُّ على الكِبار، فبنى على ذلك، فهلّا اتَّعظْتَ في نفسك بذلك ولم تحُطَّ على ابن تيميَّة، فإنه والله من كبار الأئمة، وبعدُ فكلام الأقران لا يُقبل كلُّه، ويُقبل منه ما تبرهن، والله