وقد صَحِبَ الشيخَ محيي الدين النَّوَاوي وتفقَّه عليه، وقرأ عليه "التنبيه"، وأفتى ودرَّس، وجَمَع وصنَّف ونسخ الأجزاء، ودارَ مع الطَّلبة وسَمِعَ الكثير، وله محاسن جَمّة، وزُهد وتعبُّد، وأمرٌ بالمعروف على زَعَارَّة في أخلاقه، وله أتباع ومحبُّون.
أُصيب بالفالج سنة إحدى وسبع مئة، فكان يمشي بمَشقَّة، ثم عَجَزَ وانقطع، وكتب كثيرًا بالشِّمال. استجاز لي طائفةً من الكِبار عامَ مولدي.
تُوفِّي إلى رحمة الله تعالى في ذي الحِجّة سنة أربع وعشرين وسبع مئة، عن سبعين سنة وشهرين.
قرأتُ على عليِّ بن إبراهيم الفقيه: أخبَرك إسماعيلُ بن إبراهيم وابنُ عبدٍ الحارثي وعبدُ الوهاب بن محمد الصالحي، قالوا: أخبرنا أبو طاهر الخُشوعي، قال: أخبرنا عبد الكريم بن حمزة، قال: أخبرنا الحسين بن محمد الحِنّائي، قال: أخبرنا عبد الوهاب بن الحسن الكِلابي، قال: أخبرنا أحمد بن عُمير الحافظ، حدثنا كَثير بن عُبيد، حدَّثنا محمد بن حرب، عن الزُّبَيدي، عن الزُّهْري، عن حُميد، قال: إن أبا هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "مَن حَلَفَ منكم فقال في حَلِفِه: باللّات، فليقل: لا إله إلا الله، ومَن قال لصاحبِه: تعالَ أُقامِرْك، فليَتصدَّقُ"، رواه النَّسَائي (١) عن كَثير، وحُميدٌ: هو ابن عبد الرحمن بن اللون الزُّهري ﵁.
وفيها مات رُكْن الدين عمر بن محمد القرشي العُتْبي بالإسكندرية،
(١) في "المجتبى" برقم (٣٧٧٥) وفي "الكبرى" برقم (٤٦٩٨)، وهو عند البخاري (٤٨٦٠) و (٦١٠٧) و (٦٣٠١) و (٦٦٥٠) ومسلم (١٦٤٧) من وجوه أخرى عن الزهري.