للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

واستَوطَن مصر، ووليَ مشيخةَ السَّعيدية، وتخرَّج به الأصحاب في الأصول.

وكان ساكنًا، وقورًا، حليمًا، مُسمِتًا، مَلِيح الشَّيبة، حسن التعليم، ذكيًّا، قويّ اللغة، كثير التلاوة والخير.

ثم وليَ قضاءَ دمشق فباشَرَ، ولم تكن له نَهْمةٌ في الأحكام بل في العلم والإفادة، وطَلَبَ الإقالةَ فما أُجيب، وكان حميد السِّيرة نَزِهًا، ما قَبِلَ هديةً قطُّ، وكان منصفًا في بحوثه معظِّمًا للآثار.

توفِّي في ذي القَعدة سنة تسع وعشرين وسبع مئة، ودُفن بسفح قاسيون بتُربةٍ اشتُريَت له.

خرَّج له ابن طُغْريل، والشيخُ عماد الدين بن كَثير، ووَصَلَهما بجُمْلة.

وجود "شرح الحاوي" في أربع مجلَّدات، وكان يدري الأصلين والمَنطِق والحِكمة، ويخوض تلك الغَمَرات، ولكن له حظٌّ من تلاوة وصلاة وخيرٍ وحَياء، وكان مع مخالفته لابن تيميَّة وتخطئته له في أشياء، يُثْني عليه ويعظِّمه ويَذُبُّ عنه.

وكان له مَيلٌ إلى ابن العَرَبيّ، لكنَّه له عقل وفَهْم، فحدَّثَني صادقٌ: أنه سمعه يتكلَّم على حديث أبي هريرة : "كنتُ سَمْعَه الذي يَسمَع به" (١)، فشرحه شرحًا حسنًا، ورَدَّ على أهل الاتِّحاد.

وحدَّثَني ابن كَثير: أَنه حَضَرَ مع المِزِّي عنده، فجرى ذكر "الفصوص" لابن العربي، فقال: لا ريبَ أن هذا الكلام الذي فيه كفرٌ وضلال، فقال


(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" برقم (٦٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>