ابن مسلم، المَحَجِّي الحَوْراني ثم الصالحي، الشافعي.
وُلِد سنة ثنتين وثمانين.
وتفقَّه مدةً لأحمد، ثم تحوَّل شافعيًّا، وتميَّز وباحَثَ، وأخذ عن ابن الوكيل وابن النَّقيب وابن الزَّمْلَكاني، وقرأ في النحو، وصار من أعيان الفقهاء، درَّس بالدَّولَعيّة وأعاد مدةً، وخرَّج له الشيخ عَلَم الدين عن الفَخْر عليٍّ وجماعة.
فلما توفِّي ابن الإخنائي وليَ قضاءَ القضاة بإعانة ناصر الدين الدُّوَيدار، وأَتى من مصر بتقليده فحَكَم وحُمِد، وكان قد نابَ عن قاضي القضاة جلال الدين، وكان ذا هَيْبة وصَوْلة، وفيه هوًى وشِدّة وَطْأة على المُرِيب.
ثم تفرَّغ له كِبارٌ وحَرَّفوا النائبَ عنه، ونُكِب الدّويدار على يد الأمير حمزة فعَقَر ابن جُمْلة أيضًا وكاتب السِّر شرف الدين، ثم ظَلَمَ وتمرَّد، فعذَّبوه واستأصله الله تعالى، فأُحضِر ابن جُمْلة وعُقِدَ له مجلس لكونه عَزّر الظَّهير الرُّومي، وكان قد قال في حق ابن جُمْلة: إنه رَشَى الدّويدار بذَهَبٍ كثير حتى تحصَّل له المنصب، فزَبَروا وبالَغوا في الحطِّ على زَعارَّة ابن جُملة، فأَتى فما قاموا له، وادَّعى عليه أبو رياح عند المالكي وحَكَم بفِسقه، وحُبِس بالقلعة خمسة عشر شهرًا بل أكثر، وقاسى شدّةً، وولىَ بعده أحدُ من حطَّ عليه؛ القاضي شهابُ الدين بن المَجْد، ثم أُطلق ابن جُملة وقَعَدَ بلا مدرسة، فسَعَى في نفسه ألوانًا حتى شَفَعَ له ابن مُهنَّا، فأُعطيَ مدرسة الدَّولَعية، ثم تَمرَّض وخَلَت الشاميّة من ابن المُرحِّل فأُعطيَها، فشَدَّد وعقَّد على فقهائها فدرَّس بها أيامًا وعَجَزَ، ومات في ذي القَعدة بالمسروريّة سنة ثمان وثلاثين، ودُفن عند أهله بوادي العظام،