للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعرابىٌّ من بنى سليم، قد صادَ ضبًا وجعله في كمِّه ليذهبَ به إلى رَحْلِه فيشويه ويأكلَه، فلما رأى الجماعةَ قال: ما هذا؟ قالوا: هذا الذى يذكر أنه نبىٌّ، فجاء حتى شَق الناسَ فقال: واللاتِ والعزى ما اشتملتِ النساءُ على ذِى لَهْجةٍ أبغضَ إلى منك ولا أمقت، ولولا أن تسمينى قومى عَجولًا لعَجَّلت إليك فقتلتُك فسررت بقتلك الأسودَ والأحمرَ والأبيضَ وغيرَهم، فقلت: يا رسول الله: دعنى فأقومَ فأقتُلَه، فقال: يا عمر أما علمتَ أن الحليمَ كاد أن يكون نبيًا؟ ثم أقبل على الأعرابى فقال: ما حملَك على أن قلتَ ما قلتَ، وقلتَ غير الحقِّ، ولم تُكرمْ مجلسى؟ ! قال: وتكلِّمُنِى أيضا استخفَافًا يا رسول الله، واللات والعزى لا آمنت بك أو يؤمن بك هذا الضبُّ، وأخرج الضب من كمّه وطرحه بين يدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: إن آمن بك هذا الضبُّ آمنتُ بك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا ضبُّ (فأجابه الضب) بلسانٍ عربى مبينٍ يسمعُه القومُ جميعا: لبيكَ وسعديك يا زينَ من وافى القيامة، قال: من تعبدُ يا ضب؟ قال: الذى في السماء عرشُه، وفى الأرض سلطانُه، وفى البحرِ سبيلُه، وفى الجنة رحمتُه، وفى النار عذابُه، قال: فمن أنا يا ضب؟ قال: أنت رسول رب العالمين، وخاتمُ النبيين، وقد أفلح من صدَّقك، وقد خاب من كذَّبك، قال الأعرابى: لا أتبعُ أثرًا بعد عين، والله لقد جئتكَ وما على ظهر الأرض أحد أبغضُ إلى منك، وإنك اليوم أحبُّ إلى من والدى ونفسى، وإنى لأحبُّك بداخلى وخارجى وسرِّى وعلانيتى، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحمد لله الذى هداك إلى هذا الدين (الذى) يعلو ولا يُعلى، ولا يقبله الله إلا بصلاة، ولا يقبل الله الصلاةَ إلا بقرآن، قال: فعلمنى، فعلمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحمدُ لله، وقل هو الله أحدٌ قال: زدنى يا رسول الله؛ فما سمعت في البسيط ولا في الرجزِ أحسن من هذا، قال: يا أعرابى: إن هذا كلامُ ربِّ العالمين وليس بشعر، وإنك إذا قرأت: قل هو الله

<<  <  ج: ص:  >  >>