أرْسَلَتْ بِذَلِكَ بَنُو قُرَيْظَةَ إلَى الأَحْزَابِ فَأَقْبَلَ نُعَيْمٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَأَخبَرَهُ خَبَرَ مَا أَرْسَلَتْ بِهِ بَنُو قُرْيظَةَ إِلَى الأَحْزَابِ فقال رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: فَلَعَلّنَا نَحْنُ أَمَرْنَاهُمْ بِذَلِكَ، فَقَامَ نُعَيْمٌ بِكَلِمةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- تِلْكَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِيُحْدِّثَ بِهَا غَطَفَانَ، وَكَانَ نُعِيمٌ رَجُلًا لَا يَمْلِكُ الحَدِيثَ، فَلَمَّا وَلَّى نُعَيمٌ ذَاهِبًا إلى غَطَفَانَ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذَا الَّذى قُلْتَ إِمَّا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَأَمْضِهِ، وإِمَّا هُوَ رَأىٌ رَأَيْتَهُ، فَإِنَّ شَأَنَ بَنِى قُرَيْظَةَ هُوَ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ تَقُولَ شَيْئًا يُؤْثَرُ عَلَيْكَ فِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: هَذَا رَأىٌ رَأَيْتُهُ، فَإِنَّ الحَرْبَ خُدْعَةٌ، ثُمَّ أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِى أَثَرِ نُعَيْمٍ فَدَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْتَكَ الَّذِى سَمِعْتَنِى أَذْكُرُ آنِفًا اسْكُتْ عَنْه فَلَا تَذْكُرْهُ لأِحَدٍ فَانْصَرفَ نُعَيْمٌ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَتَّى جَاءَ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْن وَمَنْ مَعَهُ مِنْ غَطَفَانَ فَقَالَ لَهُمْ: هل عَلِمْتُمْ أَنَّ مُحَمَّدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ شَيْئًا قَطُّ إِلَّا حَقًا؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ قَالَ لَى فِيمَا أَرْسَلَتْ بِهِ إِلَيْكُمْ بَنُو قُرَيْظَةَ فَلَعَّلَنَا نحن أَمَرْنَاهُمْ بِذَلِكَ حَتَّى نَهَانِى أَنْ أَذْكُرَهُ لَكُمْ، فَانْطَلَقَ عُيَيْنَةُ حَتَّى لَقِىَ أبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ فَأَخْبَرَهُ بِمَا أَخْبَرَهُ نُعَيْمٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَالَ: إِنَّمَا أَنْتُمْ فِى مَكْرٍ مِنْ بَنِى قُرَيْظَةَ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَنُرْسِلُ إِلَيْهِمْ نَسْأَلُهُمْ الرَّهْنَ، فَإِنْ دَفَعُوا إِلَيْنَا رَهْنًا مِنْهُمْ فَصَدَقُوا، وَإِنْ أَبَوْا فَنَحْنُ مِنْهُمْ فِى مَكْرٍ، فَجَاءَهُمْ رَسُولُ أَبِى سُفْيَانَ لِيَسْألَ الرَّهْنَ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ أَرْسَلتُمْ إِلَيْنَا تَأمُرُونَنَا بِالْمُكْثِ وَتَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ سَتخُالِفُونَ مُحَمَّدًا وَمَنْ معه، فَإِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَأَرْهِنُونا بِذَلِكَ مِنْ أَبْنَائِكُمْ وَصبِّحُوهُمْ غَدًا، قَالَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ: قدْ دَخَلَتْ عَلَيْنَا لَيْلَةُ السَّبْتِ، فَامهِلُوا حَتَّى يَذْهَبَ السَّبْتُ، فَرَجَعَ الرَّسُولُ إِلى أَبِى سُفْيَانَ بِذَلِكَ فَقَالَ: أَبُو سُفْيَانَ وَرُءُوسُ الأَحْزَابِ مَعَهُ: هَذَا مَكْرٌ مِنْ بَنِى قُرَيْظَة فَارْتَحلُوا، فَبَعَثَ اللَّهُ -تَعَالَى-
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute